د. علي محمد الصلابي
تأسست
الدولة السلجوقية على يدي طغرل بك، وبعد أن وطّد طغرل بك أركان دولته
وأرسى قواعدها لم يبق سوى الحصول على اعتراف من الخليفة العباسي به ليكسب
سلطته الصفة الشرعية في أعين المسلمين، وقد شملت دولة السلاجقة الأولى
خراسان وكرمان وأذربيجان وهمدان وجرجان، فقسموا هذه الولايات التي كانوا قد
استولوا عليها فيما بينهم، وكانت بلخ من أقوى مراكز السلاجقة في الشرق،
ونيسابور في الغرب، ومن هذين المركزين أخذ نفوذهم في الانتشار والتوسع، وقد
اختار طغرل بك مدينة الري لتكون حاضرة ملكه. وفي عام 432هـ أرسل طغرل بك
إلى الخليفة العباسي القائم بأمر الله رسالة تضمنت ولاء السلاجقة له وتأكيد
تمسكهم بالدين الإسلامي، والتزامهم بالجهاد في سبيل الله، وحبهم للعدل
والتماسهم الحصول على اعتراف الخليفة بقيام دولتهم. وكان السلاجقة في أشد
الحاجة للدعم المعنوي من الخليفة العباسي صاحب النفوذ الروحي على العالم
الإسلامي السني, وكانت نوعية هذه العلاقة بين السلاطين والخلفاء من ثقافة
ذلك العصر الذي ضعفت فيه مؤسسة الخلافة، وتقلص نفوذها وسلطانها وصلاحياتها،
وهي ظاهرة مرضية في الأمة.
وقد جاء في هذه الرسالة ما نصه: «نحن معشر
آل سلجوق أحطنا دائماً الحضرة النبوية المقدسة وأحببناها من صميم قلوبنا،
ولقد اجتهدنا دائماً في غزو الكفار وإعلان الجهاد، ودوامنا على زيارة
الكعبة المقدسة ....وجاء فيها أيضاً .. وشكراً لله على ما أفاء علينا من
فتح ونصر، فنشرنا عدلنا وإنصافنا على العباد وابتعدنا عن طريق الظلم والجور
والفساد, ونحنُ نرجو أن نكون في هذا قد نهجنا وفقاً لتعاليم الدين ولأمر
أمير المؤمنين. وما إن وصلت هذه الرسالة إلى الخليفة العباسي القائم بأمر
الله حتى سُرَّ بها غاية السرور، وأظهر رغبته في التقرب إليهم وبادر بإيفاد
رسول إلى السلطان طغرل بك الذي كان في مدينة الري سنة 435هـ وكان ذلك
الرسول هو العلاّمة الفقيه أبو الحسن علي بن محمد الماوردي.
لقد كان
لاعتراف الخليفة العباسي بقيام دولة السلاجقة أثر كبير في تقرب السلاجقة من
الخلافة العباسية، فأخذت العلاقات بين طغرل بك والخليفة العباسي القائم
بأمر الله تتوطد على مر الأيام، كما كان لهذا الاعتراف أثر في اكتمال
الكيان الشرعي لدولة السلاجقة أمام المسلمين الخاضعين لسلطتهم في المشرق،
وكان الملك طغرل بك عاقلاً حليماً، كثير الاحتمال، شديد الكتمان للسَّر،
محافظاً على الصلوات وعلى صوم الاثنين والخميس، وكان كثير الصدقات، حريصاً
على بناء المساجد، متعبداً متهجداً. ويقول: أستحي من الله أن أبني داراً
ولا أبني بجنبها مسجداً، وقد استطاع طغرل بك أن يقضي على نفوذ الدولة
البويهية الشيعية بالعراق وكان ذلك عام 447هـ وهذه من الحسنات الكبرى
للسلاجقة في عهد طغرل بك، كما استطاع السلاجقة أيضاً فك أسر القائم بأمر
الله والقضاء على فتنة البساسيري الذي قام بانقلاب على الدولة العباسية،
وجعلها خاضعة لنفوذ الدولة الفاطمية الشيعية، وكان القضاء على البساسيري
عام 451هـ، وقد أدرك السلاجقة الخطر الذي يتهددهم من وراء انتشار الدعوة
الفاطمية في بلدان الخلافة العباسية، لذلك اتبعوا سياسة حكيمة بعد أن قبضوا
على زمام الأمور في بغداد تتمثل في مناهضة الدعوة الفاطمية. ودعاتها
بالحزم والشدة، فتعقبوا دعاة الإسماعيلية الذين قاموا بنشر الدعوة الفاطمية
في بلاد فارس, كما قاموا بإقصاء الموظفين المتشيعين للمذهب الإسماعيلي عن
دواوين الحكومة والوظائف الدينية، وعينوا من أهل السنة بدلاً منهم، فقد تم
عزل أبي الحسين بن المهتدي من الخطابة بجامع المنصور؛ لأنه كان قد أقام
الخطبة للخليفة المستنصر بالله الفاطمي ببغداد خلال فتنة البساسيري، وعين
أبا علي الحسن بن عبد الودود بن المهتدي بالله خطيباً مكانه سنة 451هـ،
وكانت الدوافع لدى السلاجقة في الوقوف أمام مشروع الدولة الفاطمية الشيعية؛
فقد عدّوا تلك الدولة وتعاليمها بدعية مخالفة للكتاب والسنة.
الدولة السلجوقية على يدي طغرل بك، وبعد أن وطّد طغرل بك أركان دولته
وأرسى قواعدها لم يبق سوى الحصول على اعتراف من الخليفة العباسي به ليكسب
سلطته الصفة الشرعية في أعين المسلمين، وقد شملت دولة السلاجقة الأولى
خراسان وكرمان وأذربيجان وهمدان وجرجان، فقسموا هذه الولايات التي كانوا قد
استولوا عليها فيما بينهم، وكانت بلخ من أقوى مراكز السلاجقة في الشرق،
ونيسابور في الغرب، ومن هذين المركزين أخذ نفوذهم في الانتشار والتوسع، وقد
اختار طغرل بك مدينة الري لتكون حاضرة ملكه. وفي عام 432هـ أرسل طغرل بك
إلى الخليفة العباسي القائم بأمر الله رسالة تضمنت ولاء السلاجقة له وتأكيد
تمسكهم بالدين الإسلامي، والتزامهم بالجهاد في سبيل الله، وحبهم للعدل
والتماسهم الحصول على اعتراف الخليفة بقيام دولتهم. وكان السلاجقة في أشد
الحاجة للدعم المعنوي من الخليفة العباسي صاحب النفوذ الروحي على العالم
الإسلامي السني, وكانت نوعية هذه العلاقة بين السلاطين والخلفاء من ثقافة
ذلك العصر الذي ضعفت فيه مؤسسة الخلافة، وتقلص نفوذها وسلطانها وصلاحياتها،
وهي ظاهرة مرضية في الأمة.
وقد جاء في هذه الرسالة ما نصه: «نحن معشر
آل سلجوق أحطنا دائماً الحضرة النبوية المقدسة وأحببناها من صميم قلوبنا،
ولقد اجتهدنا دائماً في غزو الكفار وإعلان الجهاد، ودوامنا على زيارة
الكعبة المقدسة ....وجاء فيها أيضاً .. وشكراً لله على ما أفاء علينا من
فتح ونصر، فنشرنا عدلنا وإنصافنا على العباد وابتعدنا عن طريق الظلم والجور
والفساد, ونحنُ نرجو أن نكون في هذا قد نهجنا وفقاً لتعاليم الدين ولأمر
أمير المؤمنين. وما إن وصلت هذه الرسالة إلى الخليفة العباسي القائم بأمر
الله حتى سُرَّ بها غاية السرور، وأظهر رغبته في التقرب إليهم وبادر بإيفاد
رسول إلى السلطان طغرل بك الذي كان في مدينة الري سنة 435هـ وكان ذلك
الرسول هو العلاّمة الفقيه أبو الحسن علي بن محمد الماوردي.
لقد كان
لاعتراف الخليفة العباسي بقيام دولة السلاجقة أثر كبير في تقرب السلاجقة من
الخلافة العباسية، فأخذت العلاقات بين طغرل بك والخليفة العباسي القائم
بأمر الله تتوطد على مر الأيام، كما كان لهذا الاعتراف أثر في اكتمال
الكيان الشرعي لدولة السلاجقة أمام المسلمين الخاضعين لسلطتهم في المشرق،
وكان الملك طغرل بك عاقلاً حليماً، كثير الاحتمال، شديد الكتمان للسَّر،
محافظاً على الصلوات وعلى صوم الاثنين والخميس، وكان كثير الصدقات، حريصاً
على بناء المساجد، متعبداً متهجداً. ويقول: أستحي من الله أن أبني داراً
ولا أبني بجنبها مسجداً، وقد استطاع طغرل بك أن يقضي على نفوذ الدولة
البويهية الشيعية بالعراق وكان ذلك عام 447هـ وهذه من الحسنات الكبرى
للسلاجقة في عهد طغرل بك، كما استطاع السلاجقة أيضاً فك أسر القائم بأمر
الله والقضاء على فتنة البساسيري الذي قام بانقلاب على الدولة العباسية،
وجعلها خاضعة لنفوذ الدولة الفاطمية الشيعية، وكان القضاء على البساسيري
عام 451هـ، وقد أدرك السلاجقة الخطر الذي يتهددهم من وراء انتشار الدعوة
الفاطمية في بلدان الخلافة العباسية، لذلك اتبعوا سياسة حكيمة بعد أن قبضوا
على زمام الأمور في بغداد تتمثل في مناهضة الدعوة الفاطمية. ودعاتها
بالحزم والشدة، فتعقبوا دعاة الإسماعيلية الذين قاموا بنشر الدعوة الفاطمية
في بلاد فارس, كما قاموا بإقصاء الموظفين المتشيعين للمذهب الإسماعيلي عن
دواوين الحكومة والوظائف الدينية، وعينوا من أهل السنة بدلاً منهم، فقد تم
عزل أبي الحسين بن المهتدي من الخطابة بجامع المنصور؛ لأنه كان قد أقام
الخطبة للخليفة المستنصر بالله الفاطمي ببغداد خلال فتنة البساسيري، وعين
أبا علي الحسن بن عبد الودود بن المهتدي بالله خطيباً مكانه سنة 451هـ،
وكانت الدوافع لدى السلاجقة في الوقوف أمام مشروع الدولة الفاطمية الشيعية؛
فقد عدّوا تلك الدولة وتعاليمها بدعية مخالفة للكتاب والسنة.