مدخل الى السينما الكردية
هذا الموضوع مدخل سريع لتعريف بأهم رموز السينما الكردية ، والمقصود هنا
فقط هي الأفلام السينمائية الناطقة بالكردية أو الناطقة بلغات اخرى ولكنها
لفنانين كرد ويتحدث عن واقع حال الكرد.
ولنبدأ مع يلماز غوناي الملقب بالأب الروحي للسينما الكردية:
كان قدر يلماز أن يولد في بلد يمنع فيه استخدام لغته الأم ......ولد
الروائي والممثل والمخرج الرائع يلماز بوتون سنة 1937 في قرية ينيجة في
كردستان تركيا ....نشأ الصبي غوناي كسائر صبية قريته واشتغل في الزراعة
والعمالة وشاهد مقتل والده سنة 1958 ....بدأ مشواره مع الكتابة واصدار
النشرات ليدخل السجن ولأول مرة أثر نشره لقصة قصيرة ، قضى في السجن 18
شهراً ثم نفي الى قونية ، ليبدأ مع الروايات وكتابة السيناريو ليدخل السجن
مرة أخرى اثر اصداره لسيناريو (زهرة الصحراء) حيث اتهم بالترويج للأفكار
اليسارية .
بدأ رحلته مع السينما في 1957 كمساعد مخرج لفلم (أبناء
هذا البلد) ومن بعدها اشتغل كممثل في 400 عمل سينمائي منها 110 فلما بدور
البطولة وكان ملقباً ب(السطان القبيح) كما أخرج 18 فلما سينمائياً.
تركيا كانت تشارك المهرجانات السينمائية من خلال أفلام غوناي ، وكان
تكريمه يأتي دائماً من خلال القاء القبض عليه وزجه في السجن كما حصل معه
حين أخرج فلم (غداً هو اليوم الأخير) ....
نال يلماز غوناي 17
جائزة سينمائية ممثلاً ومخرجاً ...,لكن أهم جوائزه بالطبع هو حصوله على
السعفة الذهبية في مهرجان كان عن فلمه الشهير (الطريق) ......هذا الفلم
السياسي الذي كان يتابع قسماً من أعماله وهو في السجن ثم أكمله حين هرب من
السجن ليتوجه الى فرنسا ويؤسس مع زملائه المعهد الكوردي في باريس ، وكان
اخر اعماله هو الفلم السينمائي (الجدار) .
توفي يلماز سنة 1984 وشارك في تشييعه كبار الشخصيات السياسية في فرنسا الى جانب الآلاف من محبيه .
هنر سليم
يطارد تركيا أعماله و يضغط على كافة الدول لعدم عرض أفلامه ، تستجيب بعض
الدول كما فعلت الامارات العربية المتحدة في مهرجان الدبي الأخير العام
الفائت حين منعوا عرض فلمه الأخير DOL (الوادي) وترفض دول عدة طلب تركيا
.....قلق تركيا ازاء فن هنر سليم (حسب زعمهم) هو الدعوة الى الانفصالية
....هذا الهاجس السخيف من تركيا منعت أفلام يلماز غوناي كما أسلفنا والآن
هم بصدد ملاحقة فنان كردي عراقي.
ولد هنر في مدينة عقرة القريبة
من الموصل ، ترك العراق ليتفرغ لدراسة السينما في ايطاليا وفرنسا ، كتبت
سابقاَ موضوعاً خاصاً عن هنر في جريدة الهارموني قبل سنتين تحت عنوان (قصة
هنر سليم مع السينما) ...اليكم ترجمتها:
بالرغم من الترشيحات التي
سبقت المناسبة لم يحظى هنر سليم ولا أي من المشاركين معه في فلم
(الكيلومتر صفر) بأي جائزة رسمية من جوائز (مهرجان كان) غير أن وزارة
الثقافة الفرنسية منحت (جائزة شوفاليا) وهي جائزة تقديرية لهنر سليم لقاء
الخدمات التي قدمه لثقافة شعبه.
الجائزة لم تكن مفاجئة وخصوصاً اذا عرفنا بأنه نال جائزة أحسن فلم في مهرجان البندقية الشهير عن فلمه (فودكا ليمون ) قبل سنتين.
الحديث عن صعوبة اخراج فلم سينمائي في الظروف الحالية يطول ولا ينتهي ،
هاهو هنر يحدثنا كيف أنه لم يعثر على أي شخص هنا لكي يصنع تمثالاً للرئيس
المخلوع صدام حسين وهو ماكان بحاجة اليه في فلمه الأخير ، وأنه حين رفض
الكل الأستجابة لطلبه توجه الى أحد الفنانين في بغداد وأقنعه بعمل التمثال
ولكن رجال الأمن القوا القبض عليه قبل أن يكمل عمله ، هذه نقطة من بحر
المشاكل التي تواجه مخرجي الأفلام السينمائية هنا ، ولكن يبدو أن حلم هنر
الذي راوده منذ الطفولة كان أكبر من كل المعوقات ، لذا أصر على تحقيقه.
يروي هنر بأنه حين كان طفلاً كان يتابع التلفزيون مع سائر أفراد عائلته
وكان يغضب حين يرى بأن هذا الجهاز غير قادر على التكلم سوى باللغة العربية
وسأل نفسه لماذا هذا الجهاز يتكلم العربية فقط بينما انا في كردستان؟
لذا أقسم بأنه يوماً ما سبجبر الجهاز على التكلم باللغة الكردية ولم يكن
يومها فكرة السينما قد بادرت الى ذهنه ، بل فكر وقال بأن عليه أن يدرس
الكهرباء!
بين حلم هنر و الظروف المحيطة به لتحقيق حلمه كان هناك
مدى شاسع وزمن طويل ترك خلالها بلده متوجها الى ايطاليا ثم فرنسا لدراسة
السينما.
يتذكر هنر طفولته ويقول "ذكرياتي عن كردستان كلها بيضاء
باستثناء لباس والدتي الاسود." هل يقصد بـ"بيضاء" الفرح؟ ام الضبابية؟ لا
يجيب يكتفي بالقول "الاسود هو كل ما اورثنا إياه نظام العراق."
ولكن حتى داخل هذا الضباب لم ينسى هنر والده المقاتل ضمن صفوف الثورة كيف
كان يقرأ لهم القصص داخل المغارات قبل أن يخلدوا الى النوم كما لم ينسى كيف
أن السلطات القمعية أعتقلوا شقيقه وارسلوه الى الجبهة الأيرانية وكيف أن
هذا الحدث الأخير ألهمه سيناريو فلم (الكيلومتر صفر)
من الجدير بالذكر بأن هنر قد جمع كل ذكرياته وطبعه في كتاب تحت عنوان (بندقية والدي) ليترجم الى أكثر من 20 لغة عالمية.
يمتاز أفلام هنر بتشاؤم كبير وسوداوية قاتمة لا تضيء عتمته سوى الكوميديا
المصاحبة له ، ربما من هنا كان اعجاب الكثير من النقاد بأفلامه .
في نهاية فلمه (الكيلومتر صفر) نرى (اكو) بطل الفلم وهو جالس في بيته
بفرنسا يشاهد سقوط تمثال صدام و يستشعر فرحاً بذلك غير انه لا ينسى أن يقول
( ماضينا حزين وحاضرنا تراجيدي ولكن ومن حظنا ليس لدينا مستقبل )
حين أخرج هنر اولى أفلامه بعنوان (تعيش ماريا ...والحرية لكردستان) وجهت
له انتقادات شاسعة من قبل الجالية الكردية في اوربا متهمين اياه بتشويه
صورة المهاجرين في أوربا وفي المقابل كان هناك عائلات كثيرة ترى في قصة
الفلم المرآة الحقيقية لوضعية العائلات المهاجرة في اوربا ، استطاع هنر في
أفلام اخرى أن يتجاوز الحدود الجغرافية ، فعلى الرغم بأن في فلمه (فودكا
ليمون) الأحداث تقع في قرية كردية نائية في ارمينا ابان سقوط الاتحاد
السوفياتي كتب عنه احد النقاد من امريكا الجنوبية يقول اعجاباً بالسيناريو (
لا أشعر بأن تلك الأحداث تقع هناك في ارمينيا بل هنا في أمريكا الجنوبية
الآن). في هذا الفلم يلقى هنر الضوء على الأحوال الاقتصادية والجتماعية
لقرية نائية في احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بعد سقوط الاشتراكية
، في هذه القرية النائية المغطا ة بالثلج ، نتعرف الى شخصيتين قادمتين من
الماضي تجمعهما علاقة من خلال زياراتهما المتكررة الى مقبرة القرية
.....رجل عجوز وأمرأة منكوبة .....هو يرتاد قبر زوجته .....وهي ترتاد قبر
زوجه ....يتعرفان الى بعضهما البعض ...وتنشأ علاقة روحية بينهما ....علاقة
تملؤها العاطفة وتشوبها الكثير من صعوبات الحياة الأقتصادية ، هناك أيضاً
خيط من ضوء الأمل ....انه رفيع جداً ....يحاول هنر من خلال هذا الأمل
القليل أن يربط القرية الباردة والشخصيات الموجودة بدفء الحياة ، ولا ينسى
هو أبداً أن يدرج بعض الكوميديا من خلال مشاهد بسيطة حتى أصبح هذا النمط
جزء من اسلوبه المتكرر في كل أفلامه.
في فلمه الأخير (الكيلومتر صفر) ا الكوميديا حاضر ، التواصل مع الحياة حاضر ...المشاهد والصور البسيطة حاضرة مرة اخرى.
(اكو) الشخصية الاولى وبطل الفلم امله الوحيد في الدنيا هو النجاة بنفسه
وعائلته من خلال ترك العراق والسفر الى أوربا .....الفكرة تعارض بشدة من
قبل زوجته ...كيف لا وهي لاتستطيع أن تترك والدها المعوق لوحده يجابه
الموت......في هذه الأثناء لهيب الحرب المشتدة على طول الحدود العراقية
الايرانية تصل الى قريتهم ....ليساق هو الى الجبهة ...الى حرب لايؤمن بها
....في الجبهة يحاول جاهداً أن يتعرض لأصابة عله يحظى ببعض الأستراحة في
البيت ....لا تفلح محاولاته تلك ولكن في حدث غير متوقع تصدر له الأوامر
باعادة جثة جندي الى عائلته في كردستان بصحبة سائق عربي.....الطريق طويل
جداً يجبر الأثنان على البقاء مع بعضهما البعض لليالي وأيام عديدة
....السلطات الحكومية لا تسمح بعبور الجثث نهاراً من خلال المدن لكي لا
ينهار معنويات الناس وهكذا يضطرون الى التوقف نهاراً والمضي ليلاً وهذا
مايجعل الطريق أطول ....هذا السفر الطويل يفتح أبواب حرب غير معلنة بين
الكردي والعربي يتبادلون الانتقادات فالشتائم ثم العراك ...الى أن يصل الى
مرحلة يسئل فيها العربي (لماذا تكرهوننا أنتم الكرد؟) فيجيبه الكردي على
الفور (بل قل لي لماذا تكرهوننا أنتم أيها العرب؟!) ...الأحداث يظهر هذا
الحقد الدفين الذي يضمره الجانبان من دون مبرر منطقي.
لا ينسى هنر
أن يحشر مشاهده الكوميدية في الفلم مثل المشهد الذي يقود فيه اكو سيارة
الاجرة التي تحمل نعش الجندي قريبا جدا من قرية اخرى.
وعندما ترى امرأة ثكلى النعش ترفض ان تصدق ان الرجل الذي قتل في المعركة ليس زوجها .
يقول هنر سليم : هذا الحس الفكاهي ساعدنا على البقاء ولولاه لما كنا أحياء لحد الآن !
(الكيلومتر صفر) كما يظهر من عنوانه يشير الى حياة جامدة يقول هنر سليم :
اسم (الكيلومتر صفر) "يشير الى حقيقة اننا ما زلنا في نفس المكان...
فالعراق أُنشئ منذ نحو 80 عاما ولم تتخذ البلاد خطوة واحدة الى الامام."
بين صفر كيلومتر الحياة هنا واستمرار حركته في العالم هل يستطيع أن يحرك
هنر سليم كيلومتر حركته الفنية ؟! هنر هو الوحيد الذي يستطيع أن يجيب عن
السؤال جواباً بعيداً عن منطق بطل فلمه حين يقول ( ماضينا حزين وحاضرنا
تراجيدي ولكن ومن حظنا ليس لدينا مستقبل ).
بهمن قوبادي
يعتبر بهمن قوبادي من أشهر المخرجين الكرد على الأطلاق ، ولد قوبادي في
بلدة بانه الحدودية في كردستان ايران سنة 1969 ثم توجه الى طهران لدراسة
السينما وبدأ بأخراج أفلام وثائقية وأفلام قصيرة حازت على جوائز عديدة من
خلالهما ولكن التجربة التي غيرت مسار حياته هي أشتراكه كمساعد للمخرج
الأيراني الشهير عباس كيا روستمي في فيلمه Wind Will Carry Us ، ليخرج بعد
ذلك أربعة أفلام طويلة جعلته في مصاف المخرجين العالميين .
يتمتع
قوبادي بشهرة عالمية كبيرة مما جعله أن يكون أحد المرشحين الدائمين لتحكيم
المهرجانات العالمية كمهرجانات (كان ، ساوباولو ، روتردام ) وغيرهم. كما
تناول مواضيع أفلامه كبريات المجلات والصحافة في العالم .
مع روبيرت دينيرو والذي هو من أشد المعجبين ببهمن قوبادي
أولى أفلامه الطويلة كان فلم ( وقت لسكر الخيول) أو كما ترجمه البعض ( زمن
الجياد الثملة) وقد فاجأ الجميع بعدما نال الكاميرا الذهبية في مهرجان كان
السينمائي سنة 2000 كما نال الفلم عشر جوائز في مهرجانات عالمية أخرى .
يتناول قصة الفلم معاناة أطفال يعيشون في احدى القرى الحدودية بين العراق
وايران وما يقاسونه من شظف العيش ، انهم مضطرون أن يعيشوا كالكبار ويصارعوا
الحياة مع مايحيط بهم من قساوة من المجتمع والطبيعة ، في نهاية الفلم يضطر
أصحاب القافلة الذين يقومون بتهريب اطارات الحافلات الى العراق الى أعطاء
الويسكي لخيولهم ليزيدوهم طاقة ، طبعاً هذا المشهد لم يرق لرقابة السلطات
في ايران وبالأخير أقنعهم المخرج بأن الذي يتناول الويسكي بالأخير هي حيول
وليست بشر ، ويبدو أن الحجة الأخيرة كانت كافية للمرور من الرقابة الشديدة
التي تتعرض لها الافلام السينمائية في ايران .
وعموماً لم ينجوا
اخر أفلام قوبادي والذي يحمل عنوان (قمر 14) من الرقابة حيث منع عرض الفلم
في صالات السينما في ايران على الرغم بأنه نال عدة جوائز في مهرجاني
أسطنبول وسان سباستيان.
الفلم غير متوفر لحد الآن عندنا ولكن من
خلال قرائتي لما كتب حوله أستطيع أن أخمن بأنه فلم جميل ، وخاصة بعدما
استعان قوبادي ولأول مرة بممثلين محترفين على عكس أفلامه السابقة التي كان
التمثيل فيها يعتمد على أشخاص يقفون لأول مرة أمام الكاميرات ، مثلت دور
البطولة في هذا الفلم الممثلة الايرانية القديرة (هدية تهراني):
يهتم السيناريو بالموسيقى حيث استلهم فكرته من اخر اعمال موتسارت (القداس
الجنائزي) ويتحدث عن المرأة والحدود والموت ، هذه الفكرة الحاضرة بقوة في
أفلام قوبادي ، عن الموت في فيلمه يقول بهمن قوبادي "إن علاقة مامو
(الشخصية الرئيسية في الفلم) بالموت هي نفس علاقتي به. إنني في أعماقي أخشى
الموت كثيرا. هذا الخوف دائم في حياتي اليومية، افكر فيه وانا أسير في
الشارع، وأنا أعمل، وأنا أخلد إلى النوم في الليل. وعندما أفكر فيما سأفعله
في اليوم التالي فإنني أخشى في داخلي الموت".
لم يحظى فلمه
الثاني بشعبية على الرغم من نيله لخمس جوائز في مهرجانات عالمية والفلم
يحمل عنوان (معزولون في العراق ) ويتناول قصة مغنٍّ عجوزٍ واثنين من
أولاده، وهم في رحلة بحث عن زوجته العجوز الأولى، تمضي بهم الرحلة إلى
كردستان العراق التي دمرتها الحرب، وغادرها سكانها. وفي معرض ردّه يقول
قبادي: "إنها ليست قصة مخططة، كما في الفيلم الأول، بل إنها أكثر فنية.
إنها رحلة عبر بلد تتواجد فيه السَّكر، والفرح، والحرب، والقتل...أردت أن
أقول أن الكرد ليسوا مستقرين، بل هم في حالة دائمة من عدم الاستقرار
والانتقال"..
مرة أخرى، الشخصيات في هذا الفيلم أيضاً تعبر الحدود
على غرار فيلم "زمن للخيول السّكرى"، وهذه الفكرة حاضرة بقوّة في أفلام
بهمن قبادي. يقول: "كتب أيونسكو Ionesco)) أن الزمن هو ألدّ أعداء الإنسان،
أما بالنسبة لي فأن ألدّ أعداء الإنسان هي الحدود. لقد فرضتها القوى
العظمى على الكرد. أكره الحدود. لا يمرّ يوم في كردستان دون أن ينفجر لغم
أرضي بأحد الأشخاص، وهو يحاول عبور الحدود".
أما فلمه الثالث (السلاحف يمكن أن تطير) فقد نجح نجاحاً باهراً على المستويين الشعبي والفني وقد سبق أن تناولت موضوع الفلم سابقاً .
مانو خليل
مخرج كردي من كردستان سوريا. درس التاريخ والحقوق في جامعة دمشق بين 1981
و1986 ثم غادر الى تشيكوسلوفاكيا حيث درس السينما حتى تخرجه في العام 1994.
عمل مخرجاً في التلفزيون التشيكوسلوفاكي قبل أن ينتقل الى سويسرا في 1996
ويبدأ عمله كمخرج مستقل لافلام وثائقية وروائية. أبرز أفلامه:
1993¬ هناك حيث تنام الآلهة
1998¬ انتصار الحديد
2003¬أحلام ملونة
2005¬ "الانفال: باسم الله، البعث وصدام"
2006- دافيد تولهيلدان
لم يتسنى لي أن أشاهد أي من أعماله لذا كل معلوماتي حوله مربوط بما كتبت عنه.
أخترت لكم هذه المقابلة عن فلمه الشهير دافيد تولهيلدان والذي يتناول قصة
حياة الشاب السويسري دافيد رويللر, ابن رئيس المحكمة الفدرالية السويسرية
السابق, الذي و منذ ما يقارب الست سنوات ترك جنة سويسرا, بجبالها و
بحيراتها و سهولها وعيشها الهني و رقيها الاجتماعي و الاقتصادي, ليتجة صوب
جبال كردستان الوعرة و الخطرة ويلتحق بالمقاتلين الكرد في حزب العمال
الكردستاني و اضعا الهم الكردي في قلبه
المقابلة موجودة في الجزيرة تولك:
لقاء مع المخرج مانو خليل
اخترت لغة السينما لأن لغة البنادق هي لغة الموت
مريم عيتاني- الجزيرة توك
مخرج كردي شاب، من أكراد سوريا، ومواليد العام 1964. درس التاريخ والحقوق
في جامعة سوريا وتخرج في العام 1986 حيث انتقل الى تشيكوسلوفاكيا ودرس
الاخراج السينمائي، وكان تركيز دراسته على الأفلام الروائية.
مانو
مقيم منذ العام 1996 في سويسرا، وأخرج حتى الآن 14 فيلماً، كان آخرها
فيلمي الأنفال (2005) ودايفيد توليهلدان (2006)، ويعمل حالياً على فيلمه
القادم عن سوريا والنظام السوري. يحرص دائماً أن تكون أفلامه تحمل قضية
ورسالة، وعمقاً واقعياً. يحمل قضية شعبه وهويته، القضية الكردية أينما ذهب،
ويحلم باليوم الذي تحل فيه.
الجزيرة توك التقت مانو على هامش
مهرجان الجزيرة الثالث للافلام، والذي عرض فيه فيلمه الأخير، دايفيد
توليهلدان، وكان لنا معه هذا الحوار.
يذكر أن هذا الفيلم بالذات منع عرضه في مهرجان دبي للأفلام قبل ساعات فقط من موعد العرض بعد تدخل من الحكومة التركية.
***
أولاً سؤال يدور في ذهن كل شاب يحمل قضيته إعلامياً، كيف أوفق في نقل
رسالتي وقضيتي دون جرح الآخر، يعني، انت مثلاً ككردي، كيف تعبر عن قضيتك
دون جرح الإنسان التركي (الإنسان يعني الشعب وليس الحكومة أو السلطة التي
تكون هي عادة المسؤولة) ؟
في عملي كسينمائي، أحاول أن أمارس
إنسانيتي وحريتي، كإنسان، وإنسانيتي وحريتي مرتبطين طبعاً بحرية الآخرين.
كلنا يعرف القول المشهور: تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخرين. لكن أيضاً
هناك حقائق، أحاول ألأا أتعدى على حرية الآخر، لكني ككردي، أنا من شعب عنده
قضية ومظلوم. أنا كشخص، اضطررت لترك وطني بجرم لم أقترفه. لانني ولدت لأم
وأب أكراد، علموني أن التفاحة اسمها “سيف” وأن الخبز اسمه “نال” لكن كل هذه
الكلمات إذا ذكرتها في المدرسة كنت أضرب، فالتفاح: تفاح، والخبز: خبز،
وممنوع ذكر أي كلمة كردية. الشعب الكردي يعيش على أرضه منذ آلاف السنين،
قسمت أرضه كما كل البلاد العربية باتفاقية سايكس بيكو، على أربع دول،
ومورست فيه فظاعات من قبل بعض الحكومات، وليس الشعوب. المسائل كانت دائماً
ايديولوجية من الأنظمة التي تحاول اضطهاد هذا الشعب وطمس هويته.
***
هل تعتقد أنك من خلال السينما، أثّرت وخدمت قضيتك؟
هناك عدة طرق للنضال. أنا أحاول أن أثبت وجودي للآخرين من خلال السينما،
وأعتقد أني والحمد لله نجحت في هذا. يكفيني مثلأً أني الآن في قطر، يعرض
فيلمي وأتناقش فيه مع الناس، أفتح مجالات للحديث عن قضية الشعب الكردي.
الفيلم عرض في سويسرا ونال استحسان المشاهدين. كتبت عنه الصحافة أيضاً.
الفيلم يخدم القضية، بل أيضاً يعطيني المجال لأثبت وجودي كشخص بطريقة
حضارية، فأنا أؤمن بالحوار بين الناس، فرب العالمين أعطانا اللسان لنتفاهم
مع بعض. لغة البندقية لغة واحدة هي لغة الموت.
في فيلمك، يقول ديفيد أنه بتقديره الشخصي ستحل القضية الكردية في غضون عشر سنوات. هل تعتقد أنت هذا، أن القضية الكردية ستحل قريباً؟
هذا أمل، والإنسان لولا الأمل لا يستطيع الحياة. الامل يسمح لي أن أعيش
وأحلم بغد أجمل وأفضل. أتمنى أن لا تكون عشر سنوات، اتمنى أن تكون أقل. نحن
منذ ثلاثين سنة نعاني، مات ما يقارب الـ40 ألفاً من الأبرياء، آلاف القرى
دمّرت. اتمنى ألا يستمر هذا الشيء، وأن ينتهي بشكل ديموقراطي وسلمي.
هذا الموضوع مدخل سريع لتعريف بأهم رموز السينما الكردية ، والمقصود هنا
فقط هي الأفلام السينمائية الناطقة بالكردية أو الناطقة بلغات اخرى ولكنها
لفنانين كرد ويتحدث عن واقع حال الكرد.
ولنبدأ مع يلماز غوناي الملقب بالأب الروحي للسينما الكردية:
كان قدر يلماز أن يولد في بلد يمنع فيه استخدام لغته الأم ......ولد
الروائي والممثل والمخرج الرائع يلماز بوتون سنة 1937 في قرية ينيجة في
كردستان تركيا ....نشأ الصبي غوناي كسائر صبية قريته واشتغل في الزراعة
والعمالة وشاهد مقتل والده سنة 1958 ....بدأ مشواره مع الكتابة واصدار
النشرات ليدخل السجن ولأول مرة أثر نشره لقصة قصيرة ، قضى في السجن 18
شهراً ثم نفي الى قونية ، ليبدأ مع الروايات وكتابة السيناريو ليدخل السجن
مرة أخرى اثر اصداره لسيناريو (زهرة الصحراء) حيث اتهم بالترويج للأفكار
اليسارية .
بدأ رحلته مع السينما في 1957 كمساعد مخرج لفلم (أبناء
هذا البلد) ومن بعدها اشتغل كممثل في 400 عمل سينمائي منها 110 فلما بدور
البطولة وكان ملقباً ب(السطان القبيح) كما أخرج 18 فلما سينمائياً.
تركيا كانت تشارك المهرجانات السينمائية من خلال أفلام غوناي ، وكان
تكريمه يأتي دائماً من خلال القاء القبض عليه وزجه في السجن كما حصل معه
حين أخرج فلم (غداً هو اليوم الأخير) ....
نال يلماز غوناي 17
جائزة سينمائية ممثلاً ومخرجاً ...,لكن أهم جوائزه بالطبع هو حصوله على
السعفة الذهبية في مهرجان كان عن فلمه الشهير (الطريق) ......هذا الفلم
السياسي الذي كان يتابع قسماً من أعماله وهو في السجن ثم أكمله حين هرب من
السجن ليتوجه الى فرنسا ويؤسس مع زملائه المعهد الكوردي في باريس ، وكان
اخر اعماله هو الفلم السينمائي (الجدار) .
توفي يلماز سنة 1984 وشارك في تشييعه كبار الشخصيات السياسية في فرنسا الى جانب الآلاف من محبيه .
هنر سليم
يطارد تركيا أعماله و يضغط على كافة الدول لعدم عرض أفلامه ، تستجيب بعض
الدول كما فعلت الامارات العربية المتحدة في مهرجان الدبي الأخير العام
الفائت حين منعوا عرض فلمه الأخير DOL (الوادي) وترفض دول عدة طلب تركيا
.....قلق تركيا ازاء فن هنر سليم (حسب زعمهم) هو الدعوة الى الانفصالية
....هذا الهاجس السخيف من تركيا منعت أفلام يلماز غوناي كما أسلفنا والآن
هم بصدد ملاحقة فنان كردي عراقي.
ولد هنر في مدينة عقرة القريبة
من الموصل ، ترك العراق ليتفرغ لدراسة السينما في ايطاليا وفرنسا ، كتبت
سابقاَ موضوعاً خاصاً عن هنر في جريدة الهارموني قبل سنتين تحت عنوان (قصة
هنر سليم مع السينما) ...اليكم ترجمتها:
بالرغم من الترشيحات التي
سبقت المناسبة لم يحظى هنر سليم ولا أي من المشاركين معه في فلم
(الكيلومتر صفر) بأي جائزة رسمية من جوائز (مهرجان كان) غير أن وزارة
الثقافة الفرنسية منحت (جائزة شوفاليا) وهي جائزة تقديرية لهنر سليم لقاء
الخدمات التي قدمه لثقافة شعبه.
الجائزة لم تكن مفاجئة وخصوصاً اذا عرفنا بأنه نال جائزة أحسن فلم في مهرجان البندقية الشهير عن فلمه (فودكا ليمون ) قبل سنتين.
الحديث عن صعوبة اخراج فلم سينمائي في الظروف الحالية يطول ولا ينتهي ،
هاهو هنر يحدثنا كيف أنه لم يعثر على أي شخص هنا لكي يصنع تمثالاً للرئيس
المخلوع صدام حسين وهو ماكان بحاجة اليه في فلمه الأخير ، وأنه حين رفض
الكل الأستجابة لطلبه توجه الى أحد الفنانين في بغداد وأقنعه بعمل التمثال
ولكن رجال الأمن القوا القبض عليه قبل أن يكمل عمله ، هذه نقطة من بحر
المشاكل التي تواجه مخرجي الأفلام السينمائية هنا ، ولكن يبدو أن حلم هنر
الذي راوده منذ الطفولة كان أكبر من كل المعوقات ، لذا أصر على تحقيقه.
يروي هنر بأنه حين كان طفلاً كان يتابع التلفزيون مع سائر أفراد عائلته
وكان يغضب حين يرى بأن هذا الجهاز غير قادر على التكلم سوى باللغة العربية
وسأل نفسه لماذا هذا الجهاز يتكلم العربية فقط بينما انا في كردستان؟
لذا أقسم بأنه يوماً ما سبجبر الجهاز على التكلم باللغة الكردية ولم يكن
يومها فكرة السينما قد بادرت الى ذهنه ، بل فكر وقال بأن عليه أن يدرس
الكهرباء!
بين حلم هنر و الظروف المحيطة به لتحقيق حلمه كان هناك
مدى شاسع وزمن طويل ترك خلالها بلده متوجها الى ايطاليا ثم فرنسا لدراسة
السينما.
يتذكر هنر طفولته ويقول "ذكرياتي عن كردستان كلها بيضاء
باستثناء لباس والدتي الاسود." هل يقصد بـ"بيضاء" الفرح؟ ام الضبابية؟ لا
يجيب يكتفي بالقول "الاسود هو كل ما اورثنا إياه نظام العراق."
ولكن حتى داخل هذا الضباب لم ينسى هنر والده المقاتل ضمن صفوف الثورة كيف
كان يقرأ لهم القصص داخل المغارات قبل أن يخلدوا الى النوم كما لم ينسى كيف
أن السلطات القمعية أعتقلوا شقيقه وارسلوه الى الجبهة الأيرانية وكيف أن
هذا الحدث الأخير ألهمه سيناريو فلم (الكيلومتر صفر)
من الجدير بالذكر بأن هنر قد جمع كل ذكرياته وطبعه في كتاب تحت عنوان (بندقية والدي) ليترجم الى أكثر من 20 لغة عالمية.
يمتاز أفلام هنر بتشاؤم كبير وسوداوية قاتمة لا تضيء عتمته سوى الكوميديا
المصاحبة له ، ربما من هنا كان اعجاب الكثير من النقاد بأفلامه .
في نهاية فلمه (الكيلومتر صفر) نرى (اكو) بطل الفلم وهو جالس في بيته
بفرنسا يشاهد سقوط تمثال صدام و يستشعر فرحاً بذلك غير انه لا ينسى أن يقول
( ماضينا حزين وحاضرنا تراجيدي ولكن ومن حظنا ليس لدينا مستقبل )
حين أخرج هنر اولى أفلامه بعنوان (تعيش ماريا ...والحرية لكردستان) وجهت
له انتقادات شاسعة من قبل الجالية الكردية في اوربا متهمين اياه بتشويه
صورة المهاجرين في أوربا وفي المقابل كان هناك عائلات كثيرة ترى في قصة
الفلم المرآة الحقيقية لوضعية العائلات المهاجرة في اوربا ، استطاع هنر في
أفلام اخرى أن يتجاوز الحدود الجغرافية ، فعلى الرغم بأن في فلمه (فودكا
ليمون) الأحداث تقع في قرية كردية نائية في ارمينا ابان سقوط الاتحاد
السوفياتي كتب عنه احد النقاد من امريكا الجنوبية يقول اعجاباً بالسيناريو (
لا أشعر بأن تلك الأحداث تقع هناك في ارمينيا بل هنا في أمريكا الجنوبية
الآن). في هذا الفلم يلقى هنر الضوء على الأحوال الاقتصادية والجتماعية
لقرية نائية في احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بعد سقوط الاشتراكية
، في هذه القرية النائية المغطا ة بالثلج ، نتعرف الى شخصيتين قادمتين من
الماضي تجمعهما علاقة من خلال زياراتهما المتكررة الى مقبرة القرية
.....رجل عجوز وأمرأة منكوبة .....هو يرتاد قبر زوجته .....وهي ترتاد قبر
زوجه ....يتعرفان الى بعضهما البعض ...وتنشأ علاقة روحية بينهما ....علاقة
تملؤها العاطفة وتشوبها الكثير من صعوبات الحياة الأقتصادية ، هناك أيضاً
خيط من ضوء الأمل ....انه رفيع جداً ....يحاول هنر من خلال هذا الأمل
القليل أن يربط القرية الباردة والشخصيات الموجودة بدفء الحياة ، ولا ينسى
هو أبداً أن يدرج بعض الكوميديا من خلال مشاهد بسيطة حتى أصبح هذا النمط
جزء من اسلوبه المتكرر في كل أفلامه.
في فلمه الأخير (الكيلومتر صفر) ا الكوميديا حاضر ، التواصل مع الحياة حاضر ...المشاهد والصور البسيطة حاضرة مرة اخرى.
(اكو) الشخصية الاولى وبطل الفلم امله الوحيد في الدنيا هو النجاة بنفسه
وعائلته من خلال ترك العراق والسفر الى أوربا .....الفكرة تعارض بشدة من
قبل زوجته ...كيف لا وهي لاتستطيع أن تترك والدها المعوق لوحده يجابه
الموت......في هذه الأثناء لهيب الحرب المشتدة على طول الحدود العراقية
الايرانية تصل الى قريتهم ....ليساق هو الى الجبهة ...الى حرب لايؤمن بها
....في الجبهة يحاول جاهداً أن يتعرض لأصابة عله يحظى ببعض الأستراحة في
البيت ....لا تفلح محاولاته تلك ولكن في حدث غير متوقع تصدر له الأوامر
باعادة جثة جندي الى عائلته في كردستان بصحبة سائق عربي.....الطريق طويل
جداً يجبر الأثنان على البقاء مع بعضهما البعض لليالي وأيام عديدة
....السلطات الحكومية لا تسمح بعبور الجثث نهاراً من خلال المدن لكي لا
ينهار معنويات الناس وهكذا يضطرون الى التوقف نهاراً والمضي ليلاً وهذا
مايجعل الطريق أطول ....هذا السفر الطويل يفتح أبواب حرب غير معلنة بين
الكردي والعربي يتبادلون الانتقادات فالشتائم ثم العراك ...الى أن يصل الى
مرحلة يسئل فيها العربي (لماذا تكرهوننا أنتم الكرد؟) فيجيبه الكردي على
الفور (بل قل لي لماذا تكرهوننا أنتم أيها العرب؟!) ...الأحداث يظهر هذا
الحقد الدفين الذي يضمره الجانبان من دون مبرر منطقي.
لا ينسى هنر
أن يحشر مشاهده الكوميدية في الفلم مثل المشهد الذي يقود فيه اكو سيارة
الاجرة التي تحمل نعش الجندي قريبا جدا من قرية اخرى.
وعندما ترى امرأة ثكلى النعش ترفض ان تصدق ان الرجل الذي قتل في المعركة ليس زوجها .
يقول هنر سليم : هذا الحس الفكاهي ساعدنا على البقاء ولولاه لما كنا أحياء لحد الآن !
(الكيلومتر صفر) كما يظهر من عنوانه يشير الى حياة جامدة يقول هنر سليم :
اسم (الكيلومتر صفر) "يشير الى حقيقة اننا ما زلنا في نفس المكان...
فالعراق أُنشئ منذ نحو 80 عاما ولم تتخذ البلاد خطوة واحدة الى الامام."
بين صفر كيلومتر الحياة هنا واستمرار حركته في العالم هل يستطيع أن يحرك
هنر سليم كيلومتر حركته الفنية ؟! هنر هو الوحيد الذي يستطيع أن يجيب عن
السؤال جواباً بعيداً عن منطق بطل فلمه حين يقول ( ماضينا حزين وحاضرنا
تراجيدي ولكن ومن حظنا ليس لدينا مستقبل ).
بهمن قوبادي
يعتبر بهمن قوبادي من أشهر المخرجين الكرد على الأطلاق ، ولد قوبادي في
بلدة بانه الحدودية في كردستان ايران سنة 1969 ثم توجه الى طهران لدراسة
السينما وبدأ بأخراج أفلام وثائقية وأفلام قصيرة حازت على جوائز عديدة من
خلالهما ولكن التجربة التي غيرت مسار حياته هي أشتراكه كمساعد للمخرج
الأيراني الشهير عباس كيا روستمي في فيلمه Wind Will Carry Us ، ليخرج بعد
ذلك أربعة أفلام طويلة جعلته في مصاف المخرجين العالميين .
يتمتع
قوبادي بشهرة عالمية كبيرة مما جعله أن يكون أحد المرشحين الدائمين لتحكيم
المهرجانات العالمية كمهرجانات (كان ، ساوباولو ، روتردام ) وغيرهم. كما
تناول مواضيع أفلامه كبريات المجلات والصحافة في العالم .
مع روبيرت دينيرو والذي هو من أشد المعجبين ببهمن قوبادي
أولى أفلامه الطويلة كان فلم ( وقت لسكر الخيول) أو كما ترجمه البعض ( زمن
الجياد الثملة) وقد فاجأ الجميع بعدما نال الكاميرا الذهبية في مهرجان كان
السينمائي سنة 2000 كما نال الفلم عشر جوائز في مهرجانات عالمية أخرى .
يتناول قصة الفلم معاناة أطفال يعيشون في احدى القرى الحدودية بين العراق
وايران وما يقاسونه من شظف العيش ، انهم مضطرون أن يعيشوا كالكبار ويصارعوا
الحياة مع مايحيط بهم من قساوة من المجتمع والطبيعة ، في نهاية الفلم يضطر
أصحاب القافلة الذين يقومون بتهريب اطارات الحافلات الى العراق الى أعطاء
الويسكي لخيولهم ليزيدوهم طاقة ، طبعاً هذا المشهد لم يرق لرقابة السلطات
في ايران وبالأخير أقنعهم المخرج بأن الذي يتناول الويسكي بالأخير هي حيول
وليست بشر ، ويبدو أن الحجة الأخيرة كانت كافية للمرور من الرقابة الشديدة
التي تتعرض لها الافلام السينمائية في ايران .
وعموماً لم ينجوا
اخر أفلام قوبادي والذي يحمل عنوان (قمر 14) من الرقابة حيث منع عرض الفلم
في صالات السينما في ايران على الرغم بأنه نال عدة جوائز في مهرجاني
أسطنبول وسان سباستيان.
الفلم غير متوفر لحد الآن عندنا ولكن من
خلال قرائتي لما كتب حوله أستطيع أن أخمن بأنه فلم جميل ، وخاصة بعدما
استعان قوبادي ولأول مرة بممثلين محترفين على عكس أفلامه السابقة التي كان
التمثيل فيها يعتمد على أشخاص يقفون لأول مرة أمام الكاميرات ، مثلت دور
البطولة في هذا الفلم الممثلة الايرانية القديرة (هدية تهراني):
يهتم السيناريو بالموسيقى حيث استلهم فكرته من اخر اعمال موتسارت (القداس
الجنائزي) ويتحدث عن المرأة والحدود والموت ، هذه الفكرة الحاضرة بقوة في
أفلام قوبادي ، عن الموت في فيلمه يقول بهمن قوبادي "إن علاقة مامو
(الشخصية الرئيسية في الفلم) بالموت هي نفس علاقتي به. إنني في أعماقي أخشى
الموت كثيرا. هذا الخوف دائم في حياتي اليومية، افكر فيه وانا أسير في
الشارع، وأنا أعمل، وأنا أخلد إلى النوم في الليل. وعندما أفكر فيما سأفعله
في اليوم التالي فإنني أخشى في داخلي الموت".
لم يحظى فلمه
الثاني بشعبية على الرغم من نيله لخمس جوائز في مهرجانات عالمية والفلم
يحمل عنوان (معزولون في العراق ) ويتناول قصة مغنٍّ عجوزٍ واثنين من
أولاده، وهم في رحلة بحث عن زوجته العجوز الأولى، تمضي بهم الرحلة إلى
كردستان العراق التي دمرتها الحرب، وغادرها سكانها. وفي معرض ردّه يقول
قبادي: "إنها ليست قصة مخططة، كما في الفيلم الأول، بل إنها أكثر فنية.
إنها رحلة عبر بلد تتواجد فيه السَّكر، والفرح، والحرب، والقتل...أردت أن
أقول أن الكرد ليسوا مستقرين، بل هم في حالة دائمة من عدم الاستقرار
والانتقال"..
مرة أخرى، الشخصيات في هذا الفيلم أيضاً تعبر الحدود
على غرار فيلم "زمن للخيول السّكرى"، وهذه الفكرة حاضرة بقوّة في أفلام
بهمن قبادي. يقول: "كتب أيونسكو Ionesco)) أن الزمن هو ألدّ أعداء الإنسان،
أما بالنسبة لي فأن ألدّ أعداء الإنسان هي الحدود. لقد فرضتها القوى
العظمى على الكرد. أكره الحدود. لا يمرّ يوم في كردستان دون أن ينفجر لغم
أرضي بأحد الأشخاص، وهو يحاول عبور الحدود".
أما فلمه الثالث (السلاحف يمكن أن تطير) فقد نجح نجاحاً باهراً على المستويين الشعبي والفني وقد سبق أن تناولت موضوع الفلم سابقاً .
مانو خليل
مخرج كردي من كردستان سوريا. درس التاريخ والحقوق في جامعة دمشق بين 1981
و1986 ثم غادر الى تشيكوسلوفاكيا حيث درس السينما حتى تخرجه في العام 1994.
عمل مخرجاً في التلفزيون التشيكوسلوفاكي قبل أن ينتقل الى سويسرا في 1996
ويبدأ عمله كمخرج مستقل لافلام وثائقية وروائية. أبرز أفلامه:
1993¬ هناك حيث تنام الآلهة
1998¬ انتصار الحديد
2003¬أحلام ملونة
2005¬ "الانفال: باسم الله، البعث وصدام"
2006- دافيد تولهيلدان
لم يتسنى لي أن أشاهد أي من أعماله لذا كل معلوماتي حوله مربوط بما كتبت عنه.
أخترت لكم هذه المقابلة عن فلمه الشهير دافيد تولهيلدان والذي يتناول قصة
حياة الشاب السويسري دافيد رويللر, ابن رئيس المحكمة الفدرالية السويسرية
السابق, الذي و منذ ما يقارب الست سنوات ترك جنة سويسرا, بجبالها و
بحيراتها و سهولها وعيشها الهني و رقيها الاجتماعي و الاقتصادي, ليتجة صوب
جبال كردستان الوعرة و الخطرة ويلتحق بالمقاتلين الكرد في حزب العمال
الكردستاني و اضعا الهم الكردي في قلبه
المقابلة موجودة في الجزيرة تولك:
لقاء مع المخرج مانو خليل
اخترت لغة السينما لأن لغة البنادق هي لغة الموت
مريم عيتاني- الجزيرة توك
مخرج كردي شاب، من أكراد سوريا، ومواليد العام 1964. درس التاريخ والحقوق
في جامعة سوريا وتخرج في العام 1986 حيث انتقل الى تشيكوسلوفاكيا ودرس
الاخراج السينمائي، وكان تركيز دراسته على الأفلام الروائية.
مانو
مقيم منذ العام 1996 في سويسرا، وأخرج حتى الآن 14 فيلماً، كان آخرها
فيلمي الأنفال (2005) ودايفيد توليهلدان (2006)، ويعمل حالياً على فيلمه
القادم عن سوريا والنظام السوري. يحرص دائماً أن تكون أفلامه تحمل قضية
ورسالة، وعمقاً واقعياً. يحمل قضية شعبه وهويته، القضية الكردية أينما ذهب،
ويحلم باليوم الذي تحل فيه.
الجزيرة توك التقت مانو على هامش
مهرجان الجزيرة الثالث للافلام، والذي عرض فيه فيلمه الأخير، دايفيد
توليهلدان، وكان لنا معه هذا الحوار.
يذكر أن هذا الفيلم بالذات منع عرضه في مهرجان دبي للأفلام قبل ساعات فقط من موعد العرض بعد تدخل من الحكومة التركية.
***
أولاً سؤال يدور في ذهن كل شاب يحمل قضيته إعلامياً، كيف أوفق في نقل
رسالتي وقضيتي دون جرح الآخر، يعني، انت مثلاً ككردي، كيف تعبر عن قضيتك
دون جرح الإنسان التركي (الإنسان يعني الشعب وليس الحكومة أو السلطة التي
تكون هي عادة المسؤولة) ؟
في عملي كسينمائي، أحاول أن أمارس
إنسانيتي وحريتي، كإنسان، وإنسانيتي وحريتي مرتبطين طبعاً بحرية الآخرين.
كلنا يعرف القول المشهور: تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخرين. لكن أيضاً
هناك حقائق، أحاول ألأا أتعدى على حرية الآخر، لكني ككردي، أنا من شعب عنده
قضية ومظلوم. أنا كشخص، اضطررت لترك وطني بجرم لم أقترفه. لانني ولدت لأم
وأب أكراد، علموني أن التفاحة اسمها “سيف” وأن الخبز اسمه “نال” لكن كل هذه
الكلمات إذا ذكرتها في المدرسة كنت أضرب، فالتفاح: تفاح، والخبز: خبز،
وممنوع ذكر أي كلمة كردية. الشعب الكردي يعيش على أرضه منذ آلاف السنين،
قسمت أرضه كما كل البلاد العربية باتفاقية سايكس بيكو، على أربع دول،
ومورست فيه فظاعات من قبل بعض الحكومات، وليس الشعوب. المسائل كانت دائماً
ايديولوجية من الأنظمة التي تحاول اضطهاد هذا الشعب وطمس هويته.
***
هل تعتقد أنك من خلال السينما، أثّرت وخدمت قضيتك؟
هناك عدة طرق للنضال. أنا أحاول أن أثبت وجودي للآخرين من خلال السينما،
وأعتقد أني والحمد لله نجحت في هذا. يكفيني مثلأً أني الآن في قطر، يعرض
فيلمي وأتناقش فيه مع الناس، أفتح مجالات للحديث عن قضية الشعب الكردي.
الفيلم عرض في سويسرا ونال استحسان المشاهدين. كتبت عنه الصحافة أيضاً.
الفيلم يخدم القضية، بل أيضاً يعطيني المجال لأثبت وجودي كشخص بطريقة
حضارية، فأنا أؤمن بالحوار بين الناس، فرب العالمين أعطانا اللسان لنتفاهم
مع بعض. لغة البندقية لغة واحدة هي لغة الموت.
في فيلمك، يقول ديفيد أنه بتقديره الشخصي ستحل القضية الكردية في غضون عشر سنوات. هل تعتقد أنت هذا، أن القضية الكردية ستحل قريباً؟
هذا أمل، والإنسان لولا الأمل لا يستطيع الحياة. الامل يسمح لي أن أعيش
وأحلم بغد أجمل وأفضل. أتمنى أن لا تكون عشر سنوات، اتمنى أن تكون أقل. نحن
منذ ثلاثين سنة نعاني، مات ما يقارب الـ40 ألفاً من الأبرياء، آلاف القرى
دمّرت. اتمنى ألا يستمر هذا الشيء، وأن ينتهي بشكل ديموقراطي وسلمي.