Shabab Kurd | شباب كورد

اهلاً بكم زائرينا الكرام ... ان رغبتم بالمشاركة بمواضيع المنتدى فما عليكم الا التسجيل معنا بالمنتدى ...

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Shabab Kurd | شباب كورد

اهلاً بكم زائرينا الكرام ... ان رغبتم بالمشاركة بمواضيع المنتدى فما عليكم الا التسجيل معنا بالمنتدى ...

Shabab Kurd | شباب كورد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Shabab Kurd je bo Zimanê Kurdi


    فلسفة الأخلاق عند الجاحظ

    Admin
    Admin


    ذكر

    عدد المساهمات : 1550
    تاريخ التسجيل : 19/01/2011

    فلسفة الأخلاق عند الجاحظ  Empty فلسفة الأخلاق عند الجاحظ

    مُساهمة من طرف Admin 07.10.11 21:37

    فلسفة الأخلاق عند الجاحظ





    فلسفة الأخلاق عند الجاحظ  Image037

    ان
    (الجاحظ) يعتبر واحداً من أعظم المثقفين العراقيين اللذين انجبهم العصر
    العباسي. المصادر تتفق على ان شكله يميل الى السواد، وهذا أمر طبيعي فأن
    العراق وخصوصاً جنوبه، وخلال كل تاريخه، امتزجت فيه مختلف الاصول السوداء
    والبيضاء والشقراء، وكل عراقي مهما كان شكله فأنه يحمل في داخله هذا
    الامتزاج الانساني الغني، وفي هذا يكمن سر الذكاء العراقي. أما مسألة ان
    (الجاحظ) هو ليس عربي الاصل رغم انه يحمل لقب عشيرة (كنانة) فأنه من
    (الموالي)، وهذا أبداً لا يقلل من حقيقة عراقيته، لأن صفة (موالي) اطلقت
    على الغالبية الساحقة من العراقيين، لأنهم في الحقيقة ما كانوا من (العرب)
    القادمين مع الفتح الاسلامي، بل هم من العراقيين الاصليين الذين اطلق عليهم
    تسمية (الانباط) الناطقين بالآرامية. ثم اطلقت تسمية (مولى) على كل من
    انتمى الى عشيرة أو شيخ عربي، وحمل لقبه وأصبح بـ (مواليه).






    الجَاحِظُ المتوفََّى عام 255 هـ / 869 م هُوَ أَعْظَمُ رَجُلٍ أَخْرَجَتْهُ لَنَا مَدْرَسَةُ النَّظَّامِ، كان الجاحظ أَدِيباً ظَرِيفاً، وفَيْلَسُوفاً طَبِيعِيَّاً(1).‏

    على
    الرَّغْمِ مما بلغه الجاحظ من مكانةٍ وشهرةٍ اجتماعيَّةٍ وفكريَّةٍ
    وأدبيَّةٍ، فقد ظَلَّت بعض معالم حياته وأصله وتاريخ مولده ومكانه مثار
    نقاشٍ وجدالٍ بَيْنَ الباحثين الذين لم يبتُّوا فيها حَتَّى الآن. والحقُّ
    أنَّ ذلك إن كان مشكلةً فهي غير ذات شأنٍ خطيرٍ يؤثر فيما قدَّمه أو فيما
    نحن الآن بصدده، ولذلك ليس يعنينا هنا خوض غمار الكشف عن أصله، وضبط ساعة
    ولادته ومكانها، وإنما سنمرُّ على ما لابدَّ من المرور به من ذلك، بقدر ما
    يخصُّ بحثنا ويكون بمنزلة تمهيد وتعريف بهذا المفكر الذي شغل معاصريه
    ولاحقيه، ووصل الأمر بانشغالهم به وبأهميته إلى حدِّ أنَّهُ ذهب بعضٌ منهم
    إلى أنَّهُ إن كان المتنبي ملك الشِّعر العربيِّ منازعاً أو غير منازعٍ
    فإنَّ ملك النَّثر العربيِّ غير منازعٍ‏ هو الجاحظ.‏

    إسمه ونسبه‏

    هو
    عمرو بن بحر الكناني البصري المكنَّى بأبي عثمان، كان ثَمَّةَ نتوءٌ واضحٌ
    في حدقتيه فلقب بالحدقي ولكنَّ اللقب الذي التصق به أكثر وبه طارت شهرته
    في الآفاق هو الجاحظ، وقد بذل من المساعي أعزَّها وأجلَّها كيما يمحو هذا
    اللقب الذي كان ينفر منه عنه، ولكنَّه عبثاً كان يحاول ذلك الذي لم يؤت
    له(2).‏

    أما ولادته فلم تعرف بالضَّبط مَتَى كانت، فعلى الرَّغْمِ
    من أنَّ ياقوت الحموي أورد أنَّ الجاحظ قال: «أنا أسنُّ من أبي نؤاس بسنة،
    ولدت في أول خمسين ومئة، وولد في آخرها»(3) فإنَّ هناك من يصرُّ على تواريخ
    أُخْرَى، فمنهم من ذهب مع القول السَّابق، ومنهم من قال إنَّما ولادته
    كانت سنة 155هـ، وجعلها بعضهم سنة 159هـ، ولكنَّ جلَّ الباحثين قالوا: إنَّ
    تاريخ ميلاده الصَّحيح هو عام 16هـ (4) أما وفاته لم نجد من يشكَّ في
    أنَّها كانت بالبصرة سنة 255 هـ / 896م.‏

    وكما اختلفت أقوال
    المؤرِّخين في تاريخ الولادة، فقد تباينت الآراء كذلك في تحديد أصله؛ فمن
    ذاهبٍ إلى أنَّه عربيٌّ صرفٌ من بني كنانة، وكنانة عربيَّة الأصل، ترجع إلى
    مُضَر، ولذلك نُعِتَ الجاحظ أيضاً بالكناني(5). وذهب آخرون إلى أنَّه من
    الموالي، أعجميُّ الأصل أو متحدِّرٌ من الزِّنج(6). ومهما يكن من أمر مشكلة
    أصل الجاحظ فإنَّها غيرُ ذاتِ شأنٍ يذكر أو يستحقُّ إثارة البحث فيها هنا
    على الأقل لأن لهذا الأمر شأناً آخر، ولأنَّ ذلك من ناحيةٍ أخرى لن يغيِّر
    أو يؤثِّر في شيءٍ، أو أنَّه لن يقود البتة إلى تغيير نظرتنا فيه، فولائه
    للعروبة أشدُّ وضوحاً من الشَّمس في رابعة النَّهار، وانتماؤه إلى العروبة
    واضحٌ في كتاباته هو ذاته وخاصَّةً منها ما يتعلَّق بردِّه على
    الشُّعوبيَّة وتفنيد حججهم وادِّعاءاتهم(7).‏

    ثقافته

    كان للجاحظ منذ نعومة أظفاره ميلٌ واضحٌ ونزوعٌ عارمٌ إلى القراءة والمطالعة حَتَّى ضَجِرَتْ أُمُّهُ وتبرَّمت به(Cool.
    وظلَّ هذا الميل ملازماً لـه طيلة عمره، حتَّى إنَّه فيما اشتُهِرَ عنه لم
    يكن يقنع أويكتفي بقراءة الكتاب والكتابين في اليوم الواحد، بل كان يكتري
    دكاكين الورَّاقين ويبيت فيها للقراءة والنَّظر(9) ويورد ياقوت الحموي
    قولاً لأبي هفَّان ـ وهو من معاصريه ومعاشريه ـ يدلُّ على مدى نَهَمِ
    الجاحظ بالكتب، يقول فيه: «لم أر قطُّ ولا سمعت من أحبَّ الكتب والعلوم
    أكثر من الجاحظ، فإنَّه لم يقع بيده كتاب قَطُّ إلاّ استوفى قراءته كائناً
    ما كان»(10) ولا عَجَبَ إذ ذاك في أن يُفْرِد الصَّفحات الطِّوال مرَّات
    عدَّة في كتبه، للحديث عن فوائد الكتب وفضائلها ومحاسنها. والحقُّ أنَّه
    «كان أشبه بآلة مصوِّرةٍ، فليس هناك شيءٌ يقرؤه إلاَّ ويرتسم في ذهنه،
    ويظلُّ في ذاكرته آماداً متطاوله»(11).‏

    ولكن الجاحظ لم يقصر مصادر
    فكره ومعارفه على الكتب، وخاصَّةً أنَّ ذلك عادةٌ مذمومةٌ فيما أخبرنا هو
    ذاته وأخبرنا كثيرون غيره، إذ العلم الحقُّ لا يؤخذ إلاّ عن معلم، فتتلمذ
    على أيدي كثيرٍ من المعلمين العلماء واغتنى فكره من اتصاله بهم، وهو وإن لم
    يتَّفق مع بعضهم أو لم يرض عن فكرهم فإنَّهُ أقرَّ بفضل الجميع ونقل عنهم
    وذكرهم مراراً بين طيات كتبه.‏

    لقد تكوَّنَتْ لدى الجاحظ ثقافةٌ
    هائلةٌ ومعارفُ طائلةٌ عن طريق «التحاقه بحلقات العلم المسجديَّة التي كانت
    تجتمع لمناقشة عددٍ كبيرٍ وواسعٍ من الأسئلة، وبمتابعة محاضرات أكثر
    الرِّجال علماً في تلك الأيَّام، في فقه اللغة وفقه النَّحو والشِّعر،
    وسرعان ما حصَّل الأستاذيَّة الحقيقيَّة في اللغة العربيَّة بوصفها ثقافةً
    تقليديَّة، وقد مَكنَّهُ ذكاؤُه الحادُّ من ولوج حلقات المعتزلة حيث
    المناقشات الأكثر بريقاً، والمهتمَّة بالمشكلات الَّتي تواجه المسلمين،
    وبالوعي الإسلامي في ذلك الوقت»(12).‏

    ونظراً لسعة علمه وكثرة
    معارفه وَصَفَهُ ابن يزداد بقوله: «هو نسيج وَحْدِهِ في جميع العلوم؛ علم
    الكلام، والأخبار، والعربيَّة، وتأويل القرآن، وأيَّام العرب، مع ما فيه من
    الفصاحة»(13).‏

    وإن كان معاصرو الجاحظ من العلماء، على موسوعيَّة
    ثقافتهم، أقرب إلى التَّخصص بالمعنى المعاصر، فإن «تردُّد الجاحظ على حلقات
    التَّدريس المختلفة قد نجَّاه من عيب معاصريه ذوي الاختصاص الضَّيِّقِ.
    فهو بدرسه العلوم النقليَّة قد ارتفع فوق مستوى الكُتَّاب ذوي الثَّقافة
    الأجنبيَّة في أساسها القليلة النَّصيب من العربيَّة وغير الإسلاميَّة
    البتَّة»(14)، ولذلك «لم يكتف بالتردُّد على أوساطٍ معيَّنةٍ بغية التَّعمق
    في مادَّة اختارها بل لازمَ كلَّ المجامع، وحضر جميع الدُّروس، واشترك في
    مناقشات العلماء المسجديين، وأطال الوقوف في المربد ليستمع إلى كلام
    الأعراب، ونضيف إلى جانب هذا التكوين، الذي لم يعد لـه طابع مدرسي محدود،
    المحادثات التي جرت بينه وبين معاصريه وأساتذته في مختلف المواضيع»(15).‏

    أما
    أساتذة الجاحظ الذين تتلمذ عليهم وَرَوَى عنهم في مختلف العلوم والمعارف
    فهم كثيرون جدًّا، وهم معظم علماء البصرة إبَّان حياته، المظنون أنَّ
    الجاحظ لم ينقطع عن حضور حلقاتهم. ولكنَّ مترجميه يكتفون بقائمةٍ صغيرةٍ
    منهم غالباً ما تقتصر على العلماء الأَجِلَّة المشهورين. ومهما يكن من أمر،
    وبناءً على بعض المصادر، نستطيع القول : إنَّ أهمَّ هؤلاء الأساتذة
    هم(16):‏

    ـ في ميدان علوم اللغة والأدب والشِّعر والرِّواية: أبو
    عبيدة معمر بن المثنَّى التميمي والأصمعي وأبو زيد بن أوس الأنصاري ومحمد
    بن زياد بن الأعرابي وخلف الأحمر وأبو عمرو الشَّيباني وأبو الحسن الأخفش
    وعلي بن محمد المدائني.‏

    ـ في علوم الفقه والحديث: أبو يوسف يعقوب
    بن إبراهيم القاضي ويزيد بن هارون والسري بن عبدويه والحجَّاج بن محمد بن
    حماد بن سلمه بالإضافة إلى ثمامة بن الأشرس الذي لازمه الجاحظ في بغداد.‏

    ـ
    في الاعتزال وعلم الكلام: أبو الهذيل العلاَّف والنَّظَّام ومويس بن عمران
    وضرار بن عمر والكندي وبشر بن المعتمر الهلالي وثمامة بن أشرس
    النُّميري(17). وأحمد بن حنبل الشيباني.‏

    وثَمَّةَ علماء ومفكرون آخرون لا تقلُّ أهمِّيَّتهم عن هؤلاء، والجاحـظ ذاته لم يَغفل عن ذكر معظمهم.‏

    وإذا
    ما أضفنا إلى ذلك أصالة الجاحظ ونبوغه وألمعيَّته واتِّقاد قريحته، وجليل
    إسهامه وإبداعاته وجدناه يستحقُّ بجدارةٍ كاملةٍ كلَّ ما قاله فيه مريدوه
    ومحبُّوه والمعجبون به من تقريظاتٍ ساحرةٍ باهرةٍ، تكاد تبدو لمن لم يطَّلع
    على آثار الجاحظ وحياته وفكره أنَّها محض مبالغات. ومما أورده ياقوت
    الحموي، ويوجز فيه لنا ما سبق بلفظٍ أنيقٍ وتعبيرٍ رشيقٍ قولـه: «أبو عثمان
    الجاحظ، خطيبُ المسلمين، وشيخُ المتكلِّمين، ومَدْرَهُ المتقدمين
    والمتأخِّرين. إن تكلَّم حكى سحبان في البلاغة، وإن ناظر ضارع النَّظَّام
    في الجدال، وإن جدَّ خرج في مسك عامر بن عبد قيس، وإن هَزَلَ زاد على مزبد،
    حبيب القلوب، ومزاج الأرَّواح، وشيخ الأدب، ولسان العرب، كتبه رياضٌ
    زاهرةٌ، ورسائله أفنانٌ مثمرةٌ، ما نازعه منازعٌ إلا رشاه أنفاً، ولا
    تعرَّض لـه منقوصٌ إلا قدَّم لـه التَّواضع استبقاءً. الخلفاء تعرفه،
    والأمراء تصافيه وتنادمه، والعلماء تأخذ عنه، والخاصَّة تسلِّم له،
    والعامَّة تحبُّه. جَمَعَ بَيْنَ اللسان والقلم، وبَيْنَ الفطنة والعلم،
    وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم، طال عمره، وفشت
    حكمته، وظهرت خلَّته، ووطئ الرِّجال عقبه، وتهادوا أدبه، وافتخروا
    بالانتساب إليه»(18).‏

    فلسـفته والاعتزال‏

    تلاقحت في ذهن
    الجاحظ أصالته المبدعة وقريحته المتَّقدة مع غزارة المعارف والآداب والعلوم
    التي استقاها من مناهل متعدِّدة الجوانب ومتباينة الاتِّجاهات، وأثمرت
    رؤيةً جاحظيَّةً، لمختلف هذه المعارف والآداب والعلوم. ولوأردنا تتبع كلَّ
    جوانب أصالته ومواقفه من كلِّ ما ذكرناه لطال بنا الأمر كثيراً وخرجنا عن
    صلب بحثنا، ولذلك سَنُعْرِضُ عن كثيرٍ من الجزئيات والأعراض، ونقتصر قَدْرَ
    المستطاع على أهمِّ ما امتازَ بهِ مَنْحَى الجاحظ الفكري والفلسفي
    وأَبْيَنِهِ.‏

    صحيحٌ أنَّ للفلسفة تعريفاتٍ متباينةً متباعدةً(19)
    إلا أنَّ هذا الانشعاب ليس افتراقاً من غير ملتقى، ولا تنافراً من غيرما
    تجاذبٍ، وإنَّما ثَمَّةَ محاور محدَّدة تنتظم حولها كلُّ التَّعريفات مهما
    تباعدت مراميها وألفاظها المعبرة عنها. والحقُّ أنَّه وإن لم يدرج مؤرخو
    الفلسفة على إدراج الجاحظ ضمن الفلاسفة فإنَّهُ ليس من العسير وصفه
    بالفيلسوف الملهم إلاّ إذا أصررنا على التَّعامل مع الفلسفة التَّعامل
    النَّمطي الذي يمحو أيَّ إسهامٍ للعرب في الفلسفة(20). بل حَتَّى لو
    تعاملنا مع الفلسفة التَّعاملَ النَّمطيَّ الذي فرضه التَّأريخ الغربيُّ
    للتَّفلسف من خلال المعايير الغربيَّة فإنَّنا غير عاجزين عن تلمس ما يفسح
    في المجال بَيْنَ مقاعد الفلاسفة لمقعد جاحظيٍّ.‏

    وعلى أيِّ حالٍ لن
    نحاور أو نداور لعدِّ الجاحظ فيلسوفاً أَو لدحض مزاعم من يريدون إخراجه من
    قاعة الفلاسفة، فليس في ذلك أيَّةُ مشكلةٍ، لأنَّنا لا نستطيع أن ننكر
    البتَّة أنَّ الجاحظ قدَّم قراءاتٍ وأفكاراً فلسفيَّةً مهمَّةً وأغنى البحث
    الفلسفيَّ بمعالجاته لمختلف الموضوعات الفلسفيَّة؛ الفيزيائيَّة
    والميتافيزيائيَّة؛ فتحدَّث في الألوهيَّة والخلق والنبوَّة، والإنسان
    ومشكلاته الاجتماعيَّة والأخلاقيَّة والجماليَّة والدِّينيَّة
    والنَّفسيَّة... وأضفى عليها من شخصيَّته وأسلوبه رونقاً وأَلْقاً خاصًّا،
    ووصل إلى نتائج إمَّا قديمةٍ ولكن بأسلوبه وطريقته ومنهجه، وإمَّا جديدةٍ
    لم يُسبق إليها، وهذه مسألةٌ يطول البحث فيها، على أنَّنا وإن لم نجد من
    اضطلع بهذه المهمَّة كاملةً فإنَّ كثيرين تطرَّقوا لفكر الجاحظ وكشفوا
    النِّقاب عن بعض ذلك، ولذلك نأمل إمَّا أن تتاح لنا فرصة العودة إلى هذه
    المهمَّة أو أن ينهض غيرنا بها، لأنَّها تستحقُّ أن يبذل من أجلها جهدٌ
    خاصٌّ، ومهما يكن من أمر فإنَّ ما قدَّمه أبو عثمان لا يقلُّ البتَّة عمَّا
    قدَّمه أيُّ فيلسوفٍ، ويكفينا لتأكيد جدارة الجاحظ بلقب (فيلسوف) ما سنعرض
    لـه من كونه صاحب اتِّجاهٍ معتزلي، إذ المعلوم أنَّ علماء الكلام كانوا
    فلاسفة في إطار خصوصيَّة الفلسفة العربيَّة، هذا من دون أن ننسى منهجه
    الفلسفي وروحه النَّقديَّة.‏

    يُعدُّ الجاحظ في رأي ج. دي بور
    مؤرِّخِ الفلسفة الإسلاميَّة «أعظم رجل أخرجته لنا مدرسة النَّظَّام»(21)،
    ويُجمع مؤرِّخو الفِرَقِ الإسلاميَّة أمثال أبي الحسن الأشعري في كتابِه
    مقالات الإسلاميين، وابن المرتضى في كتابه طبقات المعتزلة، والشهرستاني في
    كتابه الملل والنِّحل، والمسعودي في كتابه مروج الذهب، وابن خلدون في
    مقدِّمته وغيرهم كثيرون من مؤرِّخي الفكر العربي والأدب العربي، على أنَّ
    الجاحظ أحد كبار شيوخ المعتزلة وصاحب فرقة من فرقهم هي التي دعيت
    بالجاحظيَّة وكان لها أنصار وأتباع.‏

    لم يفترق أبو عثمان عن
    المعتزلة في مبادئهم الرئيسة، المعروفة بالمبادئ الخمسة وهي: العَدْلُ،
    والتَّوحيد، والمنـزِلَة بَيْنَ المنـزلتين، والوعد والوعيد، والأمر
    بالمعروف والنَّهي عن المنكر. ولكنَّه انفرد عنهم واستقل باتِّجاهه
    بمجموعةٍ من الآراء والمواقف الخاصة، وتَمثَّل ذلك بنظريته في المعرفة التي
    قادته إلى آرائه الخاصة في الله والنُّبوة والإمامة.‏

    من أهمِّ ما
    انفرد به قوله: «إنَّ المعارف كلَّها ضروريَّةٌ طباعاً، وليس شيءٌ من ذلك
    من أفعال العباد وليس للعباد كَسْبٌ سوى الإرادة، وتحصل أفعاله منه طباعاً
    كما قال ثمامة. ونُقل عنه أيضاً أنَّه أنكرَ أصلَ الإرادة، وكونها جنساً من
    الأعراض، فقال : إذا انتهى السَّهو عن الفاعل وكان عالماً بما يفعله، فهو
    المريد على التَّحقيق، وأمَّا الإرادة المتعلِّقة بفعل الخير فهو ميل النفس
    إليه، وزاد ذلك بإثبات الطَّبائع للأجسام كما قال الطَّبيعيون من
    الفلاسفة، وأثبت أنَّ لها أفعالاً مخصوصةً بها. وقال باستحالة عدم الجواهر،
    فالأعراض تتبدَّل، والجوهر لا يجوز أن يفنى»(22).‏

    ويتابع ج.دي.بور
    اجتهاده في نظريَّة المعرفة قائلاً: «والإنسان عنده قادرٌ أن يعرف الخالق
    بعقله، وعلى أن يدرك الحاجة إلى الوحي الذي ينـزل على الأنبياء، وعنده أنَّ
    العالم الحقَّ يجب أن يضمَّ إلى دراسة علم الكلام دراسة العلم الطَّبيعي،
    وهو يصف في كلِّ شيء أفاعيل الطَّبيعة، ولكنَّه يشير إلى ما في هذه
    الأفاعيل من أثر خالق الكون»(23).‏

    ومن ذلك أيضاً «قوله في أنَّ أهل
    النَّار لا يخلَّدُون فيها عذاباً، بل يصيرون إلى طبيعة النَّار. وكان
    يقول: النَّار تجذب أهلها إلى نفسها من دون أن يدخل أحدٌ فيها»(24)، وهذا
    ما سيبني عليه الفلاسفة اللاحقون ما سمي مشكلة حشر الأرواح لا الأجساد التي
    كفَّرهم بها الإمام الغزالي في كتابه التهافت(25).‏

    وإذا كان مذهبه
    في إثبات القَدَرِ؛ خيره وشره من العبد، هو مذهب المعتزلة بإجماع مؤرِّخيه
    فإنَّ مذهبه في نفي الصِّفات هو مذهب الفلاسفة فيما رأى شفيق جبري الذي
    أضاف أنَّ الكعبي «حكى عنه في نفي الصِّفات أنَّه قال: يوصف البَّاري تعالى
    بأنَّه مريدٌ، بمعنى أنَّه لا يصحُّ عليه السَّهو في أفعاله، ولا الجهل،
    ولا يجوز أن يُغلبَ ولا أن يُقهرَ... ومن انتحل دين الإسلام، فإن اعتقد
    أنَّ الله تعالى ليس بجسمٍ ولا صورةٍ ولا يُرى بالأبصار، وهو عدل لا يجور،
    ولا يريد المعاصي، وبعد الاعتقاد والتبيين أقرَّ بذلك كلِّه، ثُمَّ جحده
    وأنكره، أَو دان بالتَّشبيه والجبر، فهو مشركٌ كافرٌ حقًّا. وإن لم ينظر في
    شيءٍ من ذلك، وَاعْتَقَدَ أَنَّ الله رَبَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ
    الله، فهو مؤمنٌ لا لوم عليه، ولا تكليف عليه غير ذلك»(26).‏

    وفي
    قلب هذه الرؤية الاعتزالية الواضحة التي كانت عماد الاعتزالية الجاحظيَّة
    وجزءاً صميماً من الفكر الاعتزالي في عمومه، كانت هناك بعض اللمسات
    الفلسفيَّة التي أفاد منها الفلاسفة اللاحقون عليه ونهلوا من معينها، ومنها
    ما تَمَّت الإشارة إليه، ومنها أيضاً على سبيل المثال فيما رواه الكعبي
    عنه أنَّهُ قال: «إنَّ الخلق كلَّهم من العقلاء، عالمون بأنَّ الله تعالى
    خالقهم، وعارفون بأنَّهم محتاجون إلى النَّبي، وهم محجوجون بمعرفتهم، ثمَّ
    هم صنفان؛ عالمٌ بالتَّوحيد وجاهلٌ به، فالجاهل معذورٌ، والعالم
    محجوجٌ...»(27) فمثل هذا ما ذهب إليه معاصره الكندي والفلاسفة اللاحقون من
    حديثهم في الحاجة إلى النبوة والفطرة التي فُطِرَ عليها الخلق.‏

    منهجه العلمي‏

    انتـهج
    الجاحظُ في كتبه ورسـائله أسلوباً بحثيًّا أقلُّ ما يقال فيه إنَّهُ منهجُ
    بحثٍ علميٍّ مضبوطٌ ودقيقٌ، يبدأ بالشَّك لِيُعْرَضَ على النَّقد، ويمرُّ
    بالاسـتقراء على طريق التَّعميم والشُّـمول بنـزوعٍ واقعيٍّ وعقلانيٍّ، وهو
    «في تجربته وعيانه وسماعه ونقده وشكِّه وتعليله كان يطلع علينا في صورةِ
    العالم الذي يُعْمِلُ عقله في البحث عن الحقيقة»(28)، ولكنَّه استطاع
    برهافة حسِّه أن يسبغ على بحثه صبغة أدبيَّةً جماليَّة تُضفي على المعارف
    العلميَّة رواءً من الحسن والظَّرْف، يرفُّ بأجنحته المهفهفة رفيف العاطف
    الحاني على معطيات العلم في قوالبها الجافية، ليسيغها في الأذهان ويحببها
    إلى القلوب، وهذه ميزة قلَّت نظيراتها في التُّراث الإنساني.‏

    1ـ الشك‏

    لم
    يكتف أبو عثمان بالشَّك أساساً من أسس منهجه في البحث العلميِّ بل عَرَضَ
    لِمَكانة الشَّك وأهمِّيَّته من النَّاحية النَّظريَّة في كثيرٍ من مواضع
    كتبه، ومن أهم ما قاله في ذلك: «واعرف مواضع الشَّك وحالاتها الموجبة لها
    لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة لـه، وتعلَّم الشَّك في المشكوك
    فيه تعلُّماً، فلو لم يكن في ذلك إلا تعرُّف التَّوقُّف ثُمَّ التَّثبُّت،
    لقد كان ذلك مما يُحتاج إليه. ثمَّ اعلم أنَّ الشَّكَّ في طبقاتٍ عند
    جميعهم، ولم يُجمعوا على أنَّ اليقين طبقات في القوَّة والضَّعف»(29).‏

    تتبيَّنُ
    لنا من ذلك مجموعةٌ من النِّقاط المهمَّة التي تفصح عن أصالة الجاحظ وتجلو
    ملمحاً من ملامح عبقريَّته، فهو لم يرد الشَّكَّ لمحض الشَّك، ولا يقبل أن
    يكون الشَّكُّ كيفما اتَّفق ولا في كلِّ أمرٍ على حدٍّ سواءٍ ولا بالطريقة
    ذاتها؛ إن الشَّك الجاحظيَّ، بهذا المعنى، لا يختلف البتة عن الشَّك
    المنهجيِّ عند الإمام الغزالي والفيلسوف الفرنسي رينه ديكارت ـ Rene
    Descrtes (30)، فكلُّ منهم أراد الشَّكَّ طلباً للحقيقة؛ الحقيقة الجلية
    الواضحة، التي لا تقبل تفاوتاً في الدَّرجات.‏

    2 ـ النـقـد‏

    إنَّ
    تتبـُّعَ كتب الجاحظ ورسائله يكشفُ لنا عن عقليَّة نقديَّةٍ بارعةٍ؛
    نقديَّةٍ بالمعنى الاصطلاحي المنهجي وبالمعنى الشَّائع للانتقاد، فنقده
    بالمعنى الشَّائع يتجلَّى أكثر ما يتجلَّى في تهكُّمه وتعليقاته السَّاخرة
    التي لم يسلم منها جانبٌ من جوانب المعرفة ولا مخطئٌ أمامه أو واصلٌ إليه
    خبره، ومن ذلك مثلاً تهكُّمه بالخليل بن أحمد الفراهيدي من خلال علم العروض
    الذي قال فيه: «العروض علمٌ مردود، ومذهبٌ مرفوض، وكلام مجهول، يستكدُّ
    العقول، بمستفعل ومفعول، من غير فائدة ولا محصول»(31).‏

    أما نقده
    المنهجيُّ فما أكثر ما تجلَّى في كتبه ورسائله في تعامله مع مختلف
    الموضوعات المعرفيَّة؛ العلميَّة والأدبيَّة، ومن ذلك نقده لعلماء عصره
    ومحدِّثيه ورواته وفقهائه والعلماء السَّابقين، والشَّواهد على ذلك جدِّ
    كثيرة، تجعلنا حقًّا في حيرة أمام اختيار واحد منها.‏

    انتقد بعضهم
    اتجاه علماء الكلام نحو الأمور الطَّبيعية بالعناية والدِّراسة فقال: «لو
    كان بدلُ النَّظرِ فيهما النَّظرَ في التَّوحيد(32)، وفي نفي التَّشبيه،
    وفي الوعد والوعيد، وفي التَّعديل والتَّجويد، وفي تصحيح الأخبار،
    والتَّفضيل بَيْنَ علم الطَّبائع والاختيار، لكان أصوب. فردَّ عليه الجاحظ
    ناقداً ادعاءه بقوله: العَجَبُ أنَّك عمدت إلى رجالٍ لا صناعة لهم ولا
    تجارة إلا الدُّعاءُ إلى ما ذكرت، والاحتجاجُ لما وصفت، وإلاَّ وضع الكتب
    فيه والولايةُ والعداوةُ فيه، ولا لهم لذَّة ولا همٌّ ولا مذهبٌ ولا مجازٌ
    إلاَّ عليه وإليه؛ فحين أرادوا أن يقسِّطوا بَيْنَ الجميع بالحِصص،
    ويَعْدِلوا بين الكلِّ بإعطاء كلِّ شيءٍ نصيبه، حَتَّى يقع التَّعديلُ
    شاملاً، والتَّقسيط جامعاً، ويظهر بذلك الخفيُّ من الحكم، والمستور من
    التَّدبير، اعترضتَ بالتعنُّت والتَّعجُّب، وسطَّرت الكلام، وأطلت الخطب،
    من غير أن يكون صوَّب رأيك أديبٌ، وشايعك حكيمٌ»(33).‏

    وبنظرةٍ عجلى
    في آثار الجاحظ « فإنك تراهُ وهو يطلق العنان لقلمه في جلِّ كتبه ـ يزيِّف
    الخرافات والتُّرَّهات في عصره وقبل عصره، ويورد عليك نقداته ومباحثاته،
    فيقطع في نَفْسك أنَّه لو جاء كثيرٌ مثله في عقلاء العلماء لخلت كتب
    الأقدمين من السَّخافات، إذ إنَّ الجاحظ نفسه يقول: ومما لا أكتبه لك من
    الأخبار العجيبة التي لا يجسر عليها إلا كلُّ وقاح أخبار(34)...»(35) ولذلك
    ما أكثر ما كان يستفتح الأخبار المغلوطة أو الأسطورية بقوله زعم فلان،
    وزعموا، ثُمَّ يُعَقِّبُ بتحليله ونقده «بعقلٍ راجحٍ، ونظرٍ صائبٍ، وأسلوبٍ
    سهلٍ عَذْبٍ متنوِّعٍ دقيقٍ فكهٍ، يَتَتَبَّعُ المعنى ويقلِّبُه على وجوهه
    المختلفة، ولا يزال يولِّده حَتَّى لا يترك فيه قولاً لقائل»(36).‏

    3ـ التجريب والمعاينة‏

    إذا
    كان النَّقد هو الخطوة اللاحقة على الشَّكِّ فإنَّ المعاينة والتَّجريب هي
    الخطوةُ المقترنة بالنَّقد والمتلازمة معه، وخاصَّةً في مسائل العلم
    الطَّبيعي، والجاحظ لم ينس هذه الخطوة ولم يتناسها بل جعلها عماداً لازماً
    من أعمدة منهجه البحثي، وقد بدا ذلك في اتجاهين؛ أولهما قيامه هو ذاته
    بالمعاينة والتَّجريب، وثانيهما نقل تجارب أساتذته ومعاصريه. وقـد أجرى
    الجاحظ كما أخبرنا تجارب ومعايناتٍ كثيرةً للتَّثبُّت من معلومةٍ وصلت
    إليه، أو لنفي خبرٍ تناهى إلى سمعه ولم يستسغه عقله، والأمثلة على ذلك جدُّ
    كثيرة نذكر منها تجربته في زراعة شجرة الآراك وقصَّته الطَّويلة معها
    للتَّأكُّد مما قيل عن تكاثر الذَّرِّ عليها(37) ويصف لنا بُرنيَّةَ زجاجٍ
    وُضِع فيها عشرون فأراً مع عشرين عقرب، وما فعلته العقارب بالفئران(38)
    وكذلك عندما أجمع أناس، بينهم طبيبٌ، على أنَّ الجمل إذا نُحِر ومات
    والتمست خصيته وشقشقته فإنهما لا توجدان، فأرسل إلى جزَّار أن يأتيه
    بالخصية والشقشقة إذا نحر جملاً، ففعل، فلم يكتف بذلك، فبعث إليه رسولاً
    يقول: «ليس يشفيني إلا المعاينة» ففعل ودحض هذا الادعاء(39) ولجأ أيضاً إلى
    تجريب بعض المواد الكيماويَّة في الحيوان ليعلم مبلغ تأثيرها فيها،
    وليتأكَّد مما قيل في ذلك(40) ومما أورده من تجارب غيره تجربة أستاذه
    النَّظَّام عندما سقى الحيوانات خمراً ليعرف كيف يؤثِّر الخمر في الحيوان،
    ولم يكتف بنوعٍ واحدٍ بل جرَّب على عددٍ كبيرٍ من الحيوانات كالإبل والبقر
    والجواميس والخيل والبراذين والظِّباء والكلاب والسَّنانير والحيَّات
    وغيرها(41).‏

    شخصيَّته‏

    قال الأُستاذ المرحوم شفيق جبري في مستهلِّ محاضراته في الجاحظ:‏

    «إنَّ
    أوَّل أثرٍ من آثار دراسة كتُبه حيرةٌ يحارها المرء في خصب عبقريَّته، فلا
    يعرف كيف يبدأ بالكلام على هذه العبقريَّة، ولا كيف يفرغ من هذا الكلام،
    ولا عجب في ذلك، فإنَّ رجلاً يكتب لـه أن يعيش قرناً بوجه التَّقريب، لم
    يقع في خلاله بيده كتاب إلا استوفى قراءته، كائناً ما كان، إنَّ رجلاً
    يكتري دكاكين الورَّاقين، ويبيت فيها للنَّظر، لا عجب من خصب عقله»(42)
    ونظراً لوشاجة الصِّلة ووثاقة العلاقة بَيْنَ العبقريَّة والإبداع من جهة
    والشَّخصية من جهة ثانية، ونظراً لما لخصائص الشَّخصيَّة من دلالات مهمَّة
    تجلو لنا مزيداً من الجوانب الخفيَّة في أسلوب الكاتب ومقاصده، فقد بات من
    الضَّرورة الملحفة بمكان أن نعرِّج على بعض أهمِّ جوانب شخصيَّة الجاحظ، من
    دون الاستطراد أو التَّوسع في ذلك، لأنَّه أمر قد يحتاج إلى بحث مستقلٍّ
    مطوَّلٍ، وخاصَّةً أنَّ الحديث على الشَّخصيَّة قد لا يتوقَّفُ عند أهمِّ
    خصائصها المميَّزة، بل قد يتعدَّى ذلك إلى ميولها وأهوائها وقدراتها
    والمؤثِّرات المختلفة فيها، وغير ذلك ممن يُدْرَجُ في بابه، ولذلك سنقف،
    باختصار، عند النقاط الثَّلاث التَّالية:‏

    أولاً: خصائصه الجسمية‏

    يستدلُّ
    شارل بللا من شدَّة سُمْرَةِ الجاحظ، مستعيناً بنظريَّة الوراثة، على
    أنَّه ذا أصلٍ إفريقيٍّ(43) وليس يعنينا من ذلك هنا إلاّ أنَّ الجاحظ كان
    ذا بشرةٍ شديدةٍ السُّمرة تقرب من بشرة الزِّنج، ويضاف إلى ذلك ما أجمعت
    عليه المصادر القديمة من أنَّه كان قصير القامة، صغير الرَّأس، ناتئ
    العينين، دقيق العنق، صغير الأذنين، حَتَّى أصبح مضرب المثل في القبح
    والدَّمامة، وقيل في ذلك شعرٌ، أورده البغدادي في الفرق بَيْنَ الفرق(44)
    والأبشيهي في المستطرف(45) وهو:‏

    لَوْ يُمْسَخُ الخِنْزِيرُ مَسْخاً ثَانِياً‏ مَا كانَ إِلاَّ دُوْنَ قُبْحِ الجَاحِظ‏

    رَجُلٌ يَنُوبُ عَنِ الجحِيْمِ بِوَجْهِهِ‏ وَهُوَ القَذَى فِي عَيْنِ كُلِّ مُلاَحِظِ‏

    وَلَوَ انَّ مرْآةً جَلَتْ تِمْثَالَهُ‏ وَرَآهُ، كَانَ لـه كَأَعْظَمِ وَاعِظِ‏

    بل
    إنَّ الجاحظ ذاته، فيما وَصَلَ إلينا من الأخبار عنه، قد تندَّر بقبحه،
    وسنعرض لبعض ذلك في فصل أخلاق التهكم، ومنها قوله مثلاً: «ذكرت للمتوكل
    لتأديب بعض ولده، فلمَّا رآني استبشع منظري فأمر لي بعشرة آلاف درهم
    وصرفني»(46) ومن ذلك أيضاً حديثه عن المرأة التي اقتادته من أمام منـزلـه
    إلى دكَّان الصَّائغ لتقول للأخير مثل هذا وتنصرف، ليتضح للجاحظ أنَّها
    شبَّهته بالشَّيطان وأرادت من الصَّائغ أن ينقش لها صورته على
    قلادتها(47).‏

    فهل كان الجاحظ قبيحاً إلى هذا الحد؟‏

    يرى
    شارل بللا أنَّه من الجدير بنا في هذا المجال ألاَّ نبالغ في قبح الجاحظ،
    فإنَّ تاريخ الأدب القديم قد رسم لنا صورةً ليس فيها شيءٌ من الأناقة، بل
    يذهب به الأمر إلى حدِّ التَّشكيك في تندُّر الجاحظ بقبحه ويظن ذلك منسوباً
    إليه استناداً إلى ميل الجاحظ للدعابة والتَّهكم(48) ومهما يكن من أمر
    فإنَّنا لا نستطيع أن نسم أبا عثمان بالوسامة والحسن، كما لا نستطيع إلاّ
    الإقرار بأنَّه كان على نصيبٍ من القبح والبشاعة لثبوت ذلك وصفاً،
    واستقرائه من سمات الجاحظ الجسميَّة، ولعلَّ هذا ما أثار إرادة التَّحدِّي
    في قرارة نفسه ودفعه إلى مواصلة الجدِّ والجهد للتفوق وإبراز الإمكانات
    الإبداعيَّة والأساليب الممتعة المشوِّقة كيما يتصدَّر المكانة المرموقة
    والمهمَّة بَيْنَ مفكِّري عصره، وهذا ما كان منه مما يُفسَّر بالارتكاس على
    عقدة الشُّعور بالنقص.‏

    ثانياً: عبقريته‏

    تجلَّت عبقريَّة
    أبي عثمان في مناحٍ جدِّ متعدِّدةٍ ومتباينةٍ، ولَعَلَّها تتجلَّى أكثر ما
    تتجلَّى في الكمِّ الكبير من الكتب والرَّسائل التي خلَّفها لنا. وقد لاحت
    ملامح هذه العبقريَّة في فترة مبكرة من حياته وهي التي جعلته يفرض ذاته
    حلقةً من حلقات المعتزلة.‏

    ولن نطيل الحديث في هذه العبقريَّة هنا
    لأنَّنا كشفنا بعض جوانبها، وحسبنا أن نشير إلى ما وصل إليه من مكانةٍ
    ساميةٍ عليَّةٍ جنى ثمارها بفضل هذه العبقرية، بل هناك من ذهب إلى أنَّه لم
    يضع كلَّ علمه في كتبه، ولاسيما في البلاغة، ضنَّاً به على غير أهله(49).‏

    ولا
    ننسى قوَّة عارضته في النِّقاش والْجَدَل، وقدرته النَّقديَّة وفنونه
    الكلاميَّة، ومنهجه وأسلوبه وغير ذلك من الأمارات التي يضيق المجال عن
    التَّوسع في إيضاحها هنا.‏

    ثالثاً: أسلوبه‏

    إنَّ الكلام على
    أسلوب الجاحظ بعيد الغَوْرِ واسعُ المدى، فهو لا يقتصر على طرائق تناوله
    موضوعاته، ولا يتوقَّف عند تراكيبه وعباراته، ولا ينحصر في تنويعه
    واستطراده، ولا يكفي فيه انتقاؤه ألفاظه، ولا حَتَّى طرائق تعامله مع
    النَّاس في حياته، إنَّه كلُّ ذلك وأكثر، وخاصَّةً أن للأسلوب في كلِّ ذلك
    ما يُنْبِي عن الشَّخصية وتركيبتها النَّفسيَّة، كما يقول علماء النفس.
    ولذا فإننا قد لا نغلو إن عرضنا هذا التَّقريظ البديع لأسلوب الجاحظ الذي
    أورده أبو حيان التوحيدي ألمع تلاميذ الجاحظ، وهو يكشف عن كثيرٍ مما يعتلج
    في نفسنا، ويعبِّر عن جلِّ ما ذكرنا، بأسلوب لا يقلُّ روعةً عن أسلوب
    الجاحظ وببلاغة لا تقلُّ عن بلاغته، يقول:‏

    «وأبو عثمان الجاحظ،
    فإنَّك لا تجد مثله، وإن رأيتُ ما رأيتُ رجلاً أسبق في ميدان البيان منه،
    ولا أبعَدَ شوطاً، ولا أمدَّ نَفَساً، ولا أقوى منه، إذا جاء بيانُه خَجِلَ
    وَجْهُ البليغ المشهور، وكَلَّ لسانُ المسحنفر الصَّبور، وانتفخ سحر
    العارم الجسور، ومتى رأيت ديباجة كلامه رأيت حَوْكاً كثير الوَشْي، قليل
    الصَّنعة، بَعِيدَ التَّكلُّف، مليح العَطَل، لـه سلاسةٌ كسلاسة الماء،
    ورِقَّةٌ كرقَّة الهواء، وحلاوةٌ كحلاوة النَّاطل، وعزَّة كعزَّة كليب
    وائل، فسبحان من سَخَّرَ لـه البيان وعلَّمه، وسلم في يده قصب الرِّهان
    وقدَّمه، مع الاتِّساع العجيب، والاستعارة الصَّائبة، والكتابة الثَّابتة،
    والتَّصريح المغني، والتَّعريف المُنْبِي، والمعنى الجيِّد، واللفظ
    المفخَّم، والطَّلاوة الظَّاهرة، والحلاوة الحاضرة، إن جدَّ لم يسبق، وإن
    هَزَلَ لم يُلْحَقْ، وإن قال لم يُعَارَضْ، وإن سكت لـم يُعرض له»(50).‏

    لا
    نريد أن نطلق عنان التَّأويل لاستيلاد خصائص شخصيَّة الجاحظ وسماتها من
    هذا النَّص، ولكنَّنا، ومن غير مبالغةٍ، نستطيع القول: إنَّ هذا الوصف،
    الذي كثر ما يماثله في تقريظ الجاحظ، يدلُّ على شخصيَّة فَذَّةٍ، واثقة
    الخطى، جَمَّة الثَّقافة والمعرفة، غنيَّة الفكر واللغة، ميالةٍ إلى المرح
    والدعابة، متفائلة، وكلُّ ذلك من خصائص شخصيَّة الجاحظ فعلاً، ويمكن
    اكتشافه بيسر من مطالعة بعض كتبه.‏

    آثاره‏

    اختلف المؤرِّخون
    في عدد كتب الجاحظ، بل لم يتَّفقوا على عناوين بعضها، ففي حين أنَّ صاحب
    المؤلَّفات ذاته سردها لنا في مقدِّمة كتابه (الحيوان) فكانت نحو ستة
    وثلاثين كتاباً، فإنَّ الأقوال الأخرى للمؤرِّخين قد تباينت تبايناً شديداً
    تراوح ما بَيْنَ المئة والمئتين، فالذي كتب عن الجاحظ في الموسوعة
    الإسلامية رأى أنَّه خَّلَّفَ ما ينوف عن مئتي أثر، اكْتُشِفَ منها خمسون
    صحيحة النِّسبة، ومعها ثلاثون ما بَيْنَ الموثوق في نسبها إليه والمشكوك في
    أن تكون له(51).‏

    وكان ابن النديم قد أحصى هذه الآثار ووضع ثبتاً
    بما يناهز مئةً وواحداً وعشرين أثراً. وتبعه ياقوت الحموي فأوصلها إلى نحو
    مئةٍ وثلاثةٍ وعشرين. ثُمَّ جاء حسن السَّندوبي الذي اهتم بشخص الجاحظ
    وفكره وآثاره ووضع قائمة بمؤلفات الجاحظ اعتمد فيها اعتماداً أساسيًّا على
    ياقوت الحموي، وطبع هذه القائمة في كتابه أدب الجاحظ. وعقبه بروكلمان في
    كتابه تاريخ الأدب العربي فأورد نحو مئةٍ وستةٍ وسبعين كتاباً اعتمد فيها
    على الذين سبقوه.‏

    وكانت المحاولة الأخيرة بهذا الصَّدد تلك التي
    اضطلع بها شارل بللا بعنوان «محاولة كشف نتاج الجاحظ» وهي مقالة نشرها في
    مجلة «أربيكا» العدد الثالث سنة 1956م، وقد استفاد فيها من المحاولات
    السَّابقة ـ عدا فهرست ابن النديم ـ وخاصَّة من بروكلمان كما يعترف هو
    ذاته، ووصل لديه العدد إلى مئةٍ وثلاثةٍ وتسعين أثراً(52).‏

    والحقُّ
    أنَّ هذه مهمَّةٌ شاقَّةٌ وعسيرة، ولا أظنُّني أستطيع، في أفقي الرَّاهن،
    أن أضيف إلى جهود هؤلاء الباحثين الأجلَّة شيئاً في هذا الصَّددِ، ولأنَّ
    كشَّافاً بآثار الجاحظ موجود في أكثر من كتاب وبحث(53) فإنَّه من غير
    المفيد أن نكرِّر هذا الثَّبت هنا، وخاصَّةً أنَّ القسم الأعظم منه غير
    مُكْتَشَفٍ حَتَّى الآن، ولذلك نظنُّ أنَّهُ من الأكثر جدوى أن نقتصر على
    ما طُبع من آثار الجاحظ تاركين ما ثبت نحله لـه مع تعليقٍ صغيرٍ بأهميَّة
    هذه الآثار ومكانتها إن اقتضى الأمر ذلك.‏

    بلغت كتب الجاحظ من
    الشَّأو والشُّهرة، وكذلك المكانة والأهميَّة، ما لم تبلغه جلُّ كتب
    الأقدمين، من سابقيه ومعاصريه واللاحقين عليه، ولحسن حظِّه فقد شهد على ملء
    عينه هذا الازدهار والانتشار والرواج لكتبه، والأمثلة والشواهد على ذلك
    كثيرة ولكن لن نطيل في ذكرها، وحسبنا منها شهادة من خصم، وقصة حدثت مع
    الجاحظ ذاته(54).‏

    يقول المسعوديُّ، الذي يعدُّ من خصوم الجاحظ، في
    نعت كتبه: «وكتب الجاحظ مع انحرافه المشهور(55)، تجلو صدأ الأذهان، وتكشف
    واضح البرهان، لأنَّه نَظَمَهَا أحسن نظمٍ، ووصفها أحسن وصفٍ، وكَسَاها من
    كلامه أجزل لفظٍ، وكان إذا تخوَّف مَلَلَ القارئ، وسآمة السَّامع، خرج من
    جدٍّ إلى هزلٍ، ومن حكمةٍ بليغةٍ إلى نادرةٍ طريفةٍ. ولـه كتب حسان، منها
    كتاب البيان والتبيين، وهو أشرفها، لأَنـَّه جمع فيه بَيْنَ المنثور
    والمنظوم، وغرر الأشعار، ومستحسن الأخبار، وبليغ الخطب، ما لو اقْتُصِرَ
    عليه لاكتفى به، وكتاب الحيوان، وكتاب الطُّفيليين والبخلاء، وسائر كتبه في
    نهاية الكمال، ما لم يقصد منها إلى نصب»(56).‏

    وإليك صورةٌ تنبيك
    عن مبلغ ذيوع كتب الجاحظ، وتقفُك على مقداره: روى الخطيب البغدادي في كتابه
    تاريخ بغداد(57) وكذلك ياقوت الحموي في معجم الأدباء(58) عن يحيى بن علي
    أنَّه قال: حَدَّثني أبي قال: قلت للجاحظ: إنِّي قرأت في فصلٍ من كتابك
    المسمَّى البيان والتَّبيين: إنَّ ممَّا يستحسن من النِّساء اللحن في
    الكلام، استشهدت ببيتي مالك بن أسماء:‏

    وَحَدِيثٌ أَلَذَّهُ هُوَ مِمَّا‏ يَنْعَتُ النَّاعِتُونَ يُـوْزَنُ وَزْناً‏

    مَنطِقٌ صَائِبٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَانَاً‏ وَخَيْرُ الحَدِيْثِ مَا كَانَ لَحْناَ‏

    قال
    : هو كذلك. قلت: أَفَمَا سمعت بخبر هند بنت أسماء بنت خارجة مع الحجاج،
    حينَ لَحَنَتْ في كلامها، فعابَ ذلك عليها فاحتجَّت ببيتِ أخيها، فقال لها:
    إنَّ أخاك أراد أنَّ المرأة فطنةٌ، فهي تلحن بالكلام إلى غير المعنى في
    الظَّاهر، لتستر معناه وتورِّي عنه، وتُفْهمَهُ من أرادت بالتَّعريض، كما
    قال الله تعالى: { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِيْ لَحْنِ القَوْلِ } ولم يرد
    الخطأ من الكلام.‏

    والخطأ لا يستحسن من أحد؟! فَوَجَمَ الجاحظ ساعةً
    ثُمَّ قال: لو سَقَطَ إليَّ هذا الخبرُ لما قلتُ ما تقدَّم فقلت له:
    فأَصلحه: فقال: الآن وقد سار الكتاب في الآفاق!! هذا لا يُصْلَح!‏

    أما
    آثار الجاحظ المطبوعة فقد أحصينا منها ((خمسة وخمسين)) أثراً مؤكَّد
    النِّسبة له، وهذا مسردٌ لها. ذاكرين عدد طبعاتها أَو أهمِّها. معرضين عن
    تبيان المصادر القديمة التي ذُكِرَتْ فيها لأنَّ ذلك لن يقدِّم أو يؤخر في
    شيءٍ بَعْدَ ثُبُوتِ نسبتها إليه، تاركين الآثار التي ثبت نحلها إليه مثل
    التَّاج في أخلاق الملوك وتهذيب الأخلاق والأمل والمأمول(59).‏

    1 ـ
    استحقاق الإمامة: طُبِعَتْ هذه الرِّسالة مرَّات عدَّة مجموعةً مع رسائل
    أخرى، مثل مجموعة عبد السَّلام هارون ومجموعة علي أبو ملحم ومجموعة عمر أبو
    النَّصر المسمَّاة بآثار الجاحظ.‏

    2 ـ استنجاز الوعد: طبعت هذه الرِّسالة في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    3 ـ الأوطان والبلدان: رسالة، طُبِعَتْ في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    4
    ـ البخلاء: هذا الكتاب من أكثر كتب الجاحظ أهميَّةً وأكثرها انتشاراً
    وتداولاً بَيْنَ النَّاس منذ أيام الجاحظ وحَتَّى الآن، ونظراً لهذا
    الرَّواج الكبير فقد وجد ترحيباً كبيراً في دور النَّشر، فَطُبِعَ لذلك
    مرَّاتٍ عدة قاربت العشرين طبعة ورُبَّما أكثر بكثيرٍ، وتعاقب على شرحه
    وتحقيقه كثيرٌ من المفكِّرين المختصين والمهتمِّين بفكر الجاحظ وغيرهم ممن
    لم يذكر اسمه، ومن أهم هذه التَّحقيقات التي قام بها محمد مسعود في عام
    195م وصدر عن مطبعة الجمهورية بالقاهرة في العام ذاته، ثُمَّ عُنِيَ بضبطه
    وشرحه وتصحيحه أحمد العوامري وعلي الجارم في طبعة صدرت عن وزارة المعارف
    بالقاهرة عام 1938م. وتتالت بعد ذلك تحقيقاتٌ وشروحاتٌ وتعليقاتٌ كثيرةٌ
    لهذا الكتاب صَدَرَتْ في طبعات مختلفة منها طبعة طه الحاجري، دار المعارف،
    القاهرة 1958 م. وطبعة فوزي عطوي، الشَّركة اللبنانيَّة عام 1969م. وغيرهم
    كثير جدًّا.‏

    5 ـ البرصان والعرجان والعميان والحولان: طُبِعَ أكثر
    من طبعةٍ من تحقيق محمد مرسي الخولي وهارون كلٌّ على حدةٍ. عن مؤسسة
    الرِّسالة، بيروت 1972م و1981م وعن دار الجيل، بيروت عام 1990م.‏

    6 ـ
    البغال: أو رسالة في البغال، طُبِعَ في كتاب مستقلٍّ تحت عنوان القول في
    البغال، وقد عني بتحقيقه وإخراجه شارل بللا، صَدَرَ عن دار مصطفى البابي
    الحلبي بالقاهرة عام 1956م، وأعاد شرحه والتَّقديم لـه الدكتور محمد علي
    أبو ملحم في طبعة أصدرتها دار مكتبة الهلال ببيروت عام 1990م، وطبع مضموماً
    إلى رسائل أخرى للجاحظ في مجموعة هارون ومجموعة عبد الأمير مهنا.‏

    7
    ـ البلاغة والإيجاز: وهي رسالةٌ صغيرةٌ اقترنت باسم رسالةٍ في البلاغة
    والإيجاز أو رسالة البلاغة والإيجاز. طُبِعَتْ في مجموعتي هارون وأبو
    ملحم.‏

    8 ـ بني أميَّة: أو رسالة في بني أميَّة، طُبِعَتْ في مجموعة عمر أبو النَّصر.‏

    9
    ـ البيان والتبيين: وهو في نَظَرِ النُّقَّاد إمام كتب الجاحظ وأهمُّها
    غير منازعٍ، ولهذا فقد لقي عنايةً خاصَّةً من الباحثين والنَّاشرين،
    فَصَدَرَ حَتَّى الآن فيما يزيد عن عشر طبعات مختلفة التَّحقيق، أوَّلها
    التي أخرجتها المطبعة العلميَّة بالقاهرة عام 1893م. ثُمَّ عني الباحثون
    بتحقيقه وشرحه والتَّعليق عليه، أمثال جميل جبر ببيروت 1959م في مجلدٍ
    واحدٍ، وفوزي عطوي في ثلاثة مجلَّدات عن دار صعب، بيروت عام 1968م، وهارون
    في أربعة أجزاء بمجلدين عن لجنة التأليف والترجمة 1949م، ودار الجيل 1980م
    ومكتبة الخانجي 1985م. وميشال عاصي في مجلدٍ واحدٍ عن مكتبة سمير بيروت1970
    م. هذا إلى جانب طبعات أخرى كثيرةٍ مغفلةٍ من المحقِّق مثل طبعة دار الفكر
    للجميع في ثلاثة مجلَّدات، عام 1968م وغيرها، وقد اختصر هذا الكتاب غير
    مرَّة ونشرت فقرات ومنتخبات منه إمَّا مستقلَّةً في كتابٍ أو ملحقة مع عدد
    من الرَّسائل.‏

    10 ـ التبصر بالتجارة: كتاب عُنِيَ بتحقيقه حسن حسني عبد الوهاب، صَدَرَ عن دار الكتاب اللبناني بيروت عام 1966م.‏

    11
    ـ التربيع والتدوير: يعدُّ هذا الكتاب الرِّسالة من أبدع الآيات
    الجماليَّة في النَّثر العربي على الإطلاق، وواحداً من أروع رسائل التَّهكم
    والهجاء في تاريخ الأدب العربي، فطبع لذلك مع هذه الرَّسائل في طبعةٍ
    واحدةٍ تحت عنوان: ثلاث رسائل في الهجاء، هي إلى جانب التَّربيع
    والتَّدوير؛ مثالب الوزيرين والرِّسالة الهزليَّة لابن زيدون، صدرت عن دار
    القلم، الكويت عام 1981م. وأولى طبعات هذا الكتاب هي التي قدَّمتها مطبعة
    الجمهور عام 1960م، وبعد تسع وأربعين سنة حقَّقه شارل بللا وأصدره عن
    المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق، وأعاد فوزي عطوي تحقيقه وإصداره في
    طبعةٍ جديدةٍ عام 1969م عن الشَّركة اللبنانية للكتاب. وضمَّه مؤخَّراً
    أبو ملحم إلى مجموعته في طبعة جديدة.‏

    12 ـ تفضيل البطن على الظّهر: رسالةٌ طبعت في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    13 ـ تفضيل النُّطق على الصَّمت: رسالة طُبِعَتْ في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    14
    ـ الجدُّ والهزل: أو رسالة في الجدِّ والهزل، طُبِعَتْ في كتابٍ مستقلٍّ
    تحت عنوان فلسفة الجدِّ والهزل، بشرح محمد علي الزعبي عن منشورات حمد
    بيروت. وصدرت ضمن أكثر من مجموعة من رسائل الجاحظ هي مجموعات هارون وأبو
    ملحم ومجموعة كراوس والحاجري، ومجموعة مهنَّا.‏

    15 ـ الجوابات في الإمامة: طبعت هذه الرِّسالة ضمن مجموعة علي أبو ملحم.‏

    16 ـ الحاسد و المحسود: طبعت هذه الرِّسالة في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    17
    ـ الحجاب: طُبِعَتْ هذه الرِّسالة مع معظم مجموعات رسائل الجاحظ، وهي
    مجموعة هارون ومجموعة أبو ملحم ومجموعة أبو النَّصر ومجموعة مهنَّا.‏

    18 ـ حجج النُّبُوة: طُبِعَتْ هذه الرِّسالة في مجموعات هارون وأبو ملحم وأبو النَّصر.‏

    19 ـ الحكمين وتصويب علي بن أبي طالب: طبعت في مجموعة علي أبو ملحم.‏

    20
    ـ الحنين إلى الأوطان: طُبِعَتْ هذه الرِّسالة في مجموعات هارون ومهنَّا
    ودار الثَّقافة وقد صَدَرَتْ لأوَّل مَرَّة في كتاب عن مطبعة المنار
    بالقاهرة عام 1915م، بعناية طاهر الجزائري، وصدرت ببيروت عام 1982 عن دار
    الرائد العربي.‏

    21 ـ الحيوان: وهو الكتاب الأضخم والأكثر شمولاً من
    كتب الجاحظ وله أهمِّيَّةٌ كبرى على صعدٍ مختلفةٍ، لاقى عناية معظم
    المهتمِّين بتحقيق تراث الجاحظ وطُبِعَ طبعات مختلفة تراوحت بَيْنَ 3
    مجلدات و8 مجلدات، منها طبعة عبد السَّلام هارون الصَّادرة عن البابي
    الحلبي 1945م، وعن المجمع العلمي العربي ببيروت 1950م وفي القاهرة 1980م،
    وعن دار الجيل1980 . وكذلك طبعة فوزي عطوي الصَّادرة ما بَيْنَ بيروت ودمشق
    عام 1978م و1980م و1982. وهذا الكتاب هو ثاني الكتب المطبوعة للجاحظ فقد
    صدرت طبعته الأولى عن المطبعة الحميدية عام 1940م ثم عن دار التقدم عام
    1970م. إلى جانب بعض الطبعات الأخرى.‏

    22 ـ خلق القرآن: رسالة طبعت في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    23 ـ الدلائل والاعتبار على الخلق والتدبير: طبع في حلب عام 1928م عن المطبعة العلمية.‏

    24
    ـ ذمُّ أخلاق الكُتَّاب: طبعت هذه الرِّسالة اللطيفة في جلِّ مجموعات
    رسائل الجاحظ. فهي موجودة في مجموعات كل من هارون وأبو ملحم وأبو النصر
    ومهنَّا ويوشع فنكل.‏

    25 ـ الردُّ عل المشبِّهة: رسالة كلاميَّة طُبِعَتْ في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    26 ـ الرَّد على النَّصارى: طبعت هذه الرِّسالة ضمن مجموعات هارون وأبو ملحم وأبو النصر ويوشع فنكل.‏

    27 ـ رسالة إلى أبي الفرج: طُبِعَتْ ضمن مجموعات هارون وأبو ملحم ومهنَّا.‏

    28
    ـ سلوة الحرِّيف بمناظرة الربيع والخريف: رسالة صدرت في كتاب عن دار
    الرائد العربي ببيروت عام 1982، وصدرت لأوَّل مرة في عام 1920م بيروت
    مضمومةً إلى رسالة أخرى مناظرة بالعنوان لأبي بكر محمد عارف المكِّي وهي:
    مسامرة الصيف بمفاخرة الشتاء والصيف، ولعلَّ هذه الرسالة هي أول الآثار
    المطبوعة للجاحظ.‏

    29 ـ الشارب والمشروب: صدرت هذه الرسالة ضمن ثلاث مجموعات من رسائل الجاحظ هي مجموعات هارون وأبو ملحم وأبو النَّصر.‏

    30 ـ صناعة القوَّاد: طبعت ضمن مجموعات هارون وأبو ملحم وأبو النصر وعبد الأَمير مهنَّا.‏

    31 ـ صناعة الكلام: أو في صناعة الكلام وقد أضيفت لها لفظة رسالة أيضاً طُبِعَتْ في مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    32 ـ طبقات المغنِّين: طُبِعَتْ ضمن مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    33 ـ العباسية: طُبِعَتْ هذه الرِّسالة في مجموعتي أبو ملحم وأبو النصر.‏

    34
    ـ العثمانية: كتاب حقَّقه وشرحه عبد السلام محمد هارون وطبعه عام 1955م،
    وصدر في طبعة جديدة عن دار الجليل عام 1991م. وطبع ضمن مجموعتي هارون وأبو
    ملحم.‏

    35 ـ الفتيا: أو رسالة الفتيا: طُبِعَتْ ضمن مجموعات هارون وأبو ملحم ومهنا.‏

    36 ـ فخر السودان على البيضان: رسالة طُبِعَتْ ضمن مجموعات هارون وأبو ملحم ومهنا.‏

    37 ـ فصل ما بين العداوة والحسد: طُبِعَتْ هذه الرسالة ضمن مجموعات هارون وأبو ملحم ومهنَّا والثَّقافة.‏

    38 ـ فضل هاشم على عبد شمس: رسالة طُبِعَتْ ضمنَ مجموعتي أبو ملحم وأبو النصر.‏

    39
    ـ القيان: طُبِعَتْ هذه الرسالة الطَّريفة ضمن جلِّ مجموعات رسائل الجاحظ
    وهي مجموعات هارون وأبو ملحم وأبو النَّصر ومهنَّا ويوشع فنكل والثَّقافة.‏

    40
    ـ كتمان السر وحفظ اللسان: وهذه الرِّسالة قد طُبِعَتْ أيضاً ضمن معظم
    مجموعات رسائل الجاحظ وهي مجموعة هارون ومجموعة أبو ملحم ومجموعة كراوس
    والحاجري ومجموعة مهنَّا ومجموعة الثقافة.‏

    41 ـ المحاسن والأضداد:
    كتابٌ جميلٌ طبع لأوَّل مرة عام 1912م في المطبعة الجميلية بالقاهرة،
    بتصحيح محمد أمين الخانجي، ثم عني بتحقيقه فوزي عطوي وأصدره في عام 1969م
    عن الشَّركة اللبنانيَّة للكتاب.‏

    42 ـ مدحُ التُّجَّار وذمُّ عمل السلطان: طبعت هذه الرِّسالة ضمن مجموعة علي أبو ملحم.‏

    43 ـ مدحُ النبيذ وصفةُ أصحابه: طُبِعَتْ هذه الرِّسالة ضمن مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    44 ـ المسائل والجوابات في المعرفة: رسالة كلامية طبعت ضمن مجموعتي هارون وأبو ملحم.‏

    45 ـ المعاش والمعاد: رسالة في الأخلاق طُبِعَتْ ضمن مجموعات هارون، وأبو ملحم، وكراوس والجابري، ومهنَّا.‏

    46 ـ المعلمين: طُبِعَتْ هذه الرسالة ضمن مجموعتي هارون وأبو

      الوقت/التاريخ الآن هو 21.11.24 16:38