الزعيم القائد القاضي محمد... مؤسس أول جمهورية كوردية في العصر الحديث
هو الزعيم القائد رئيس الحزب الديمقراطي لكوردستان ايران ومؤسس أول جمهورية ديمقراطية كوردية في التأريخ الحديث القاضي محمد بن القاضي علي المهابادي، ولد في مدينة مهاباد سنة 1901، ترعرع في أحضان أسرة عريقة محبة للادب والعلم ذات مكانة اجتماعية رفيعة. دخل المدرسة الدينية في السن السابعة من عمره في جوامع مهاباد، فدرس العلوم والفقه والمنطق والفلسفة على يد علماء أكفاء في كوردستان الشرقية، فأصبح هو عالماً دينياً ومثقفاً وطنياً فذاً في عصره.
عندما فتحت مدرسة رسمية في مدينة مهاباد عين القاضي محمد مديراً للمعارف، فحاول كثيراً في تشجيع للناس للاقدام على التعلم وتلقي العلوم الحديثة وعندما توفي والده الشيخ علي القاضي أصبح هو قاضياً محله, فذاع صيته في ميدان الحق والعدالة بين الناس في جميع أرجاء كوردستان الشرقية.
تعلم القاضي محمد عن طريق دراسته الخاصة الى جانب لغته القومية: اللغة الكوردية وآدابها، اللغات الفارسية والآذرية والتركية والعربية قراءة وكتابة و صار له إلمام باللغات الروسية والفرنسية والانكليزية, فكان بذلك له منزلة علمية واجتماعية مرموقة لدى أبناء مجتمعه الكوردي.
نضاله السياسي:
كان القاضي محمد منذ ريعان شبابه، نبيهاً مهذباً يقظاً وعنصراً وطنياً مخلصاً محباً للعلم والمعرفة. كان مهتماً ليل نهار بحل مشكلات أبناء شعبه، يفكر دوماً في ايجاد سبيل من أجل انقاذ أمته الكورد من الذل والهوان والتخلف، لذا انضم الى منظمة (خوييبون) = (الاستقلال) الكوردية، التي كانت تناضل من أجل استقلال كوردستان وتأسيس كيان سياسي موحد للكورد، فأصبح عضواً بارزاً في صفوفها.وبعد تأسيس جمعية (ز.ك) أي (إحياء الكورد) في مهاباد يوم 16/9/1942 اصبح القاضي محمد عضواً في تلك المنظمة الكوردستانية السياسية، فاقترح هذا العضو النشط تبديل اسم المنظمة هذه في اجتماع موسع عقد في 16/8/1945 الى الحزب الديمقراطي لكوردستان ايران وانتخب هو رئيساً له. فأصبح محل اعتماد وتقدير جميع أعضاء الحزب ومؤيديه وجماهير شعب كوردستان الشرقية، لذا عندما تأسست جمهورية آذربايجان الديمقراطية في ظل وجود الجيش السوفيتي في 12/12/1945 طالب القاضي محمد حزبه الديمقراطي الكوردستاني بالاستفادة من هذه الفرصة السانحة لتأسيس جمهورية ديمقراطية للكورد على غرار جمهورية آذربايجان الديمقراطية لتعيش معها بسلام ووئام تامين.
القاضي محمد وجمهورية كوردستان الديمقراطية:
اجتمع القاضي محمد في أواخر سنة 1945 مع كامل أعضاء اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني لتقييم الوضع في كوردستان من جميع جوانبه، فاتخذت اللجنة القيادية المذكورة قراراً تأريخياً بتأسيس جمهورية ديمقراطية كوردية في ذلك القسم المحرر من كوردستان الشرقية وعاصمتها مدينة مهاباد واجل إعلان هذه الخطوة السياسية العظيمة، أقيم احتفال جماهيري في ساحة جوارجرا بمهاباد يوم 22 /1/1946 فأعلن القائد القاضي محمد قيام جمهورية كوردستان الديمقراطية وسط حشد هائل في العاصمة حضره البارزاني مصطفى وجميع اعضاء اللجنة المركزية للحزب ووفود من باقي مدن كوردستان وتم انتخاب الزعيم القاضي محمد رئيساً لأول جمهورية كوردية في التأريخ ورددت جماهير الشعب المحتشدة قسم الاخلاص والولاء لتلك الجمهورية الديمقراطية الوليدة ورئيسها المحنك لتكون أمينة على كيانها وحريصة على الدفاع المستميت عنها من الاعداء الطامعين وجرت مراسيم رفع علم كوردستان وسط هتاف و دوي تصفيق الجماهير المحتفلة بهذه المناسبة التأريخية.
وأدى القاضي محمد اليمين الدستورية كأول رئيس لجمهورية كوردستان الديمقراطية يوم 23/1/1946 وهذا نصه باللغة العربية.
(أقسم بالله وبالقرآن العظيم وبالوطن وبشرف امة الكورد وبراية كوردستان المقدسة، أن أسعى وأضحي بروحي ومالي الى آخر نفس من حياتي وسفك آخر قطرة من دمي في سبيل المحافظة على الاستقلال واعلاء علم كوردستان الخفاقة)
القاضي محمد وتأسيس أول تشكيلة وزارية:
أصدر القاضي محمد بصفته رئيساً للجمهورية في 11 شباط 1946 مرسوماً جمهورياً بتشكيل أول وزارة لادارة شؤون جمهورية كوردستان الديمقراطية، فتم تشكيل تلك الوزارة على الوجه الآتي:
1- الحاج بابه شيخ حميان رئيسا للوزراء
2-محمد حسين سيف القاضي وزير الحربية
3- محمد امين معيني وزير الشؤون الداخلية
4- محمد أيوبيان وزير الصحة
5- عبدالرحمن إيلخانيزاده وزير الدولة
6- اسماعيل أيلخانيزاده وزير المواصلات
7- أحمد الالنهى وزير الاقتصاد
8- كريم أحمدين وزير البريد والبرق
9- مصطفى داودي وزير التجارة
10- مناف كريمي وزير المعارف
11- محمود ولي زاده وزير الزراعة
12- صديق الحيدري وزير الاعلام
13- خليل خسروي وزير العمل
وصدر مرسوم خاص بتعيين البارزاني مصطفى جنرالا وقائداً عاماً للقوات المسلحة
القاضي محمد وسقوط جمهورية كوردستان الديقراطية
عاشت جمهورية كوردستان الديمقراطية 11 شهراً، ثم سقطت في 17/12/1946 بدخول القوات الايرانية الى مهاباد العاصمة، فاعتقل القاضي محمد يوم 21/1/1946 وبقية القادة الثائرين وقدموا الى محكمة عرفية عسكرية في 21/10/1946 فحكمت على كل من القاضي محمد وشقيقه صدر القاضي نائب مهاباد في برلمان ايران ومحمد حسين سيف القاضي وزير الحربية بالاعدام شنقاً حتى الموت إلا أن حكمهم هذا لم ينفذ حتى يوم 30/3/1947. وهكذا طويت صفحة حياة رئيس أول جمهورية كوردية وتم وأد تلك الجمهورية الفتية وفق مؤامرة دنيئة إشتركت في تخطيطها دول المنطقة وبعض الدول الكبرى ونفذتها حكومة شاهنشاه الايرانية.