أكدت نتائج عدة دراسات علمية تتعلق بالسلوك البشري، أن المرأة تكذب أكثر من الرجل، لاسيما في ما يتعلق بالحياة الجنسية. وأفادت هذه الدراسات، أيضا، أن النساء، بالرغم من ادعائهن بضرورة أن تكتسي العلاقة مع الرجل طابع الصراحة، إلا أنهن في قرارة أنفسهن يتمنين أن "يكذب" سواء من باب المجاملة أو من باب تجنيبهن مواجهة الحقائق، التي قد تتسبب لهن في الإحراج أو القلق أو الغضب. فهل النساء مجبولات على الكذب؟و هل يمكن القول إن الكذب هو فعلا صفة نسائية صرفة؟ ثم، لماذا يكذب الإنسان سواء على نفسه أو على الآخرين بشكل أكبر مما يظن حقيقة؟ إنها أسئلة من ضمن أخرى كثيرة، قد لا يملك لها المرء جوابا خارج التحليل الفلسفي بل وأحيانا الميتافيزيقي. هل يختلف الكذب عند المرأة منه عند الرجل؟ عندما يرتبط الرجل والمرأة يتعاهدان على الصدق والصراحة في السراء والضراء. لكن، الظروف تكرههما، أحيانا، على النكوث بالعهد، فلايجد الطرف المخل غير الكذب وسيلة لتبرير تراجعه. وفيما قد يعتبر البعض هذه التبريرات كذبا "أبيض"، فإن آخرين يرونها خداعا وتضليلا. والحالة هذه، هل هناك كذبة بيضاء وأخرى سوداء أو بلون آخر؟ ثم متى تفقد الكذبة البيضاء لونها هذا؟ هل بتكررها أم بالدافع الكامن وراءها ؟ أم بمصدرها إن كان رجلا أو امرأة؟ إن مسلسل الكذب لا ينتهي أبدا، ويتحول إلى حلقة مفرغة تدور فيه العلاقة الزوجية دونما توقف أو دونما نهاية. ومن كذبة إلى أخرى، تصبح الحياة الزوجية تتشكل حول الوهم والنفاق. ومع ذلك، لابد من التساؤل عما إذا كانت دوافع الزوجة للكذب تختلف عنها عند الزوج، وعن طبيعة المواقف، التي تستحث الرجل أو المرأة على الكذب، وعن إمكانية أو لاإمكانية الوثوق في وعود الإقلاع عن الكذب... وفيما يؤكد البعض أن المرأة ـ الزوجة تمتلك أساليب خاصة تتصدى بها لكذب الزوج، فإن آخرين يؤكدون أن الكذب يمثل بالنسبة للزوجة رد فعل تلقائي يساعدها على تجاوز أوضاع شائكة ودقيقة. ومن المسلم به أن المرأة بحدسها الأنثوي تستشعر متى يكذب عليها زوجها ومتى يخبرها بالحقيقة. وهناك علاقات زوجية قائمة على حيز من الكذب، الذي يعتبره الأطراف صمام أمان للعلاقة باعتبار أنه يجنبها التصدع أو الاختلال. وكثيرون، من الرجال أو النساء، لا يعتبرون الكذب "رغبة دفينة" في الخداع والتضليل، طالما أنه كذب واضح الأهداف ومعروف الأغراض، وليس فيه مضرة للآخر. لكن، الطب النفسي وعلم السلوك البشري، يقولان إن الكذب طاحونة ما تفتأ رحاها تأتي على كافة الاعتبارات "النبيلة" الأخرى، بل إن التحكم فيها ما يلبث ينفرط من بين يدي المرء، لتصبح تتحكم فيه. ومن ثمة ينتقل الشخص الكاذب إلى العيش في وهم أنه يحكم اختلاق الأساطير، التي يبتلعها الآخر بسهولة. وهكذا، ومن مجرد مناورة "بسيطة" يتحول الكذب إلى خداع ثم إلى حالة مرضية حينما يهم مواضيع حيوية وأساسية في الحياة المشتركة. وقد يتمادى الطرف الكذاب في مراكمة الهفوات تلو الأخرى، ويتعهد بتغيير سلوكاته لكنه ما يلبث ينكث وعده. وقد يدعي الاندهاش حين مصارحته بكذبه، وقد يغضب أوينكر... إنها حالة متطورة من الكذب المرضي، الذي قد يعيش المرء في دوامته بسبب كذبة أولى"بسيطة" كان بالإمكان تفاديها وقول الحقيقة بغض النظر عن نتائج ذلك. ويؤكد علم النفس، أنه ليس هناك ما يمكن فعله أمام مثل هذه الحالة سوى، بالتأكيد، مصارحة المعني، سواء كان الزوج أو الزوجة، ومواجهته بحقيقة المرض، الذي يعاني منه. لأن الطرف الآخر يتحول، حين اختياره الصمت على كذب الشريك، بشكل لا إرادي، إلى شريك له ومحرض له على الانغماس أكثر في بؤرة الكذب وتماديه في العيش في الوهم. وحينها تُفقد الثقة بين الزوجين وتغيب إمكانية الصفح. وإلى ذلك، يؤكد المختصون في علم النفس أن المريض بالكذب، لايمكن البتة علاجه من أكاذيبه المستمرة في غياب رغبة شخصية حقيقية نابعة من تلقاء ذاته.
هل يختلف الكذب بين الرجل والمراة
ابو دلبر
عدد المساهمات : 108
تاريخ التسجيل : 13/03/2011
العمر : 28
فريقك المفضل : برشلونة
- مساهمة رقم 1